بذات الجزء من حيث توقّف الكلّ عليه ، وكون إيجاده مؤدّيا إلى إيجاد الكلّ ، وهذه الدلالة على سبيل الاستلزام في المقامين من غير فرق بين الأمرين.
أقول : وتحقيق المقام على وجه ينكشف حقيقة المرام ، أنّ الكلّ باعتبار أجزائه المعتبرة فيه إمّا عينيّ « كسكنجبين » و « سقمونيا » وما أشبه ذلك ، أو حدثي كالصلاة وصيام شهر رمضان ، أو عقلي كالجسم المركّب عن الهيولى والصورة والإنسان المركّب عن الحيوان والناطق.
وعلى الأوّلين فإمّا أن يكون لانضمام بعض الأجزاء إلى بعض مدخليّة في المطلوبيّة والرجحان بحيث لو لا وجود البعض مع الباقي لما حصل الامتثال أصلا حتّى بالإضافة إلى المأتيّ به ، كالصلاة وسبعة أشواط الطواف وسبعة أحجار رمي الجمرة أو لا مدخليّة له في ذلك ، بل كلّ واحد متّصف بالرجحان في حدّ ذاته والاتيان به موجب للامتثال بحسبه ، كإطعام ستّين مسكينا في الكفّارة ونزح سبعين دلوا في منزوحات البئر على القول بالوجوب ، وصيام ثلاثين يوما من رمضان وإخراج القدر المعيّن من المال في أنعام الزكاة وغلاّتها فهذه خمسة أنواع :
أوّلها : ما كانت الأجزاء عقليّة فحينئذ لا خفاء في صحّة دعوى كون وجود الكلّ عين وجود الجزء ، بل كون الوجود واحدا فيهما ، ولكن دعوى صيرورة الجزء واجبا بوجوب الكلّ في ضمنه محلّ نظر إن اريد به الوجوب الذاتي ، بل لا وجه له أصلا ، كيف وإنّا نعلم بالضرورة والوجدان أنّ الأجزاء العقليّة في الأعيان الخارجيّة لا ينوط بها الحكم التكليفي ولا يتصوّرها الموجب أصلا ولو إجمالا ، بل الّذي يتصوّره حين إرادة الإيجاب إنّما هو المفهوم البسيط الّذي ينحلّ عند العقل إلى تلك الأجزاء فيطلبه من دون أن يتعلّق طلبه بها أصلا ولو ضمنا.
نعم لا نضائق اتّصافه بالمطلوبيّة بالعرض عند العقل ، بمعنى أنّ العقل يصحّ له بعد ما التفت إلى الانحلال المذكور أن ينسب الطلب المتعلّق بما ذكر من المفهوم البسيط إلى كلّ من تلك الأجزاء بالغرض ، ولكنّه لا ينفع شيئا في المقام لكونه على سبيل المجاز ، والوجوب المتنازع فيه بالنسبة إلى الأجزاء الّذي ادّعي الوفاق على خروجه عن محلّ الخلاف إنّما هو الوجوب الحقيقي ، وإلاّ فالوجوب العرضي غير خاصّ بها لكونه حدّا مشتركا بينها وبين سائر المقدّمات كما عرفت مرارا ، بل الإنصاف أنّ تعلّق الوجوب بما ذكر ليس من باب تعلّقه بالكلّ بعنوان أنّه كلّ ، فالأولى إخراج الصورة المفروضة عن محلّ