بما لا ينافي الاشتغال بسائر الأفعال العادية بحسب العادة الّتي لو تغيّرت فيها لاختلّ به النظم ولزم منه عسر لا يتحمّل عادة.
وبهذا البيان يضعّف ما قد يتمسّك لعدم وجوب الاجتهاد بالسيرة ، بتقريب : أنّ أرباب الملكات من العلماء نراهم أنّ سيرتهم على عدم استغراق وقتهم للاجتهاد ، بل نراهم يسافرون ويجالسون ويعاشرون ويباشرون النساء وينامون ويحضرون المجالس والمحافل ويتشاغلون غير هذه من الأفعال المضادّة للاجتهاد.
فإنّ هذه السيرة وإن كانت في الجملة ثابتة غير أنّ كونها لأجل عدم وجوب الاجتهاد رأسا غير واضح ، لجواز كونها لأجل عدم ابتنائه على المضائقة المانعة عن الاشتغال بالأفعال المذكورة إلاّ بقدر الضرورة ، مع جواز ابتناء تركه في محلّ هذه الأفعال على العمل بالاحتياط ، فلا تكشف عن تجويزهم لأنفسهم تقليد غيرهم حيث لم يظهر منهم أنّهم حال الاشتغال بالأفعال أنّهم يقلّدون.
فالحقّ أنّ الحكم الواقعي في حقّ اولي الملكات أحد الأمرين من الاجتهاد أو العمل بالاحتياط بعد معرفته ومعرفة موارده.
وثامنها : الاستصحاب الّذي قرّره بعضهم بأنّ المجتهد المفروض قبل بلوغه رتبة الاجتهاد كان مقلّدا لغيره في المسألة الّتي لم يجتهد فيها وفي المسألة الّتي اجتهد فيها ، وبطل حكم الاستصحاب بالنسبة إلى هذه بالدليل الأقوى وأمّا الّتي لم يجتهد فيها فلا دليل على حرمة التقليد فيها ولزوم ترك ما كان عليه سابقا فيها ، فيجب البقاء على ما كان عليه من التقليد والعمل بقول الغير عملا بالاستصحاب.
وأمّا المسألة الّتي لم يقلّد فيها فلا يخلو إمّا أن يكون ممّن وجب عليه التقليد أو لا؟
أمّا الأوّل : فيجري فيه الاستصحاب أيضا.
وأمّا الثاني فعدم جريانه فيه غير قادح في صحّة القول بالتقليد مطلقا ، لأنّه إذا صحّ التمسّك به في بعض الصور وجب إلحاق الباقي به بعدم القول بالفصل بين الصور.
وضعفه واضح بعد ما عرفت من الأدلّة على حرمته مطلقا ، مع ما أشرنا سابقا إلى ما يقدح في صحّة الاستصحاب من تبدّل موضوع المستصحب ، مع أنّ في صحّة التمسّك بالإجماع المركّب فيما يثبت أحد شطريه بالأصل كلاما أوردناه في محلّه.