ورجوعه في ذلك إلى فتوى المجتهد المطلق وإن كان ممكنا. لكنّه خلاف المراد ، إذا الفرض إلحاقه ابتداء بالمجتهد. وهذا إلحاق له بالمقلّد بحسب الذات ، وإن كان بالعرض إلحاقا بالاجتهاد *. ومع ذلك فالحكم في نفسه مستبعد ، لاقتضائه ثبوت الواسطة بين أخذ الحكم بالاستنباط والرجوع فيه إلى التقليد.
__________________
لقوله : « تجزّ في مسألة التجزّي » كما هو ظاهر العبارة.
وقد تقدّم تقرير هذا الدور ، ويندفع بتخصيص الظنّ في مسألة جواز عمله بظنّه بالظنّ في الفروع وحينئذ لا يلزم محذور على القول بحجّية الظنّ في الاصول ، لأنّ هذا القول لابدّ وأن يكون عن دليل علمي.
نعم على القول الآخر يلزم في المقام على تقدير الاعتماد على الدليل الظنّي المذكور محذور التسلسل كما لا يخفى.
ومن هنا قد يوجد في بعض الكلمات الاستدلال بلزوم التسلسل في إبطال القول بالتجزّي ، كما حكاه بعض الأعلام في طيّ التعرّض لذكر تقارير الدور المتقدّمة.
والأولى أن يورد عليه : باستلزامه أحد المحذورين من الدور والتسلسل ، أمّا الأوّل : فبناء على التعميم في ظنّه بحيث يشمل الظنّ في هذه المسألة الاصوليّة الناشئ عن الدليل الظنّي المذكور.
وأمّا الثاني : فبناء على تخصيصه بالظنّ في الفروع المتوقّف جواز العمل به على جواز العمل به في المسألة الاصوليّة ، وهو إن استند إلى دليل ظنّي آخر يتوقّف على جواز العمل بهذا الظنّ وهكذا.
* قد ذكرنا أنّ مسألة التجزّي ـ أي جواز عمل المتجزّي بظنّه الحاصل باجتهاده ـ ممّا يجوز أن تكون اجتهاديّة ، بأن يستند جواز العمل في حقّه إلى اجتهاد نفسه في تلك المسألة ، ويجوز أن تكون تقليديّة بأن يستند الجواز في حقّه إلى تقليده لمجتهد مطلق بنائه في المسألة بحسب اجتهاده على الجواز ، كما إذا لم يكن بنفسه قادرا على الترجيح في تلك المسألة ولو من جهة عجزه عن إقامة الدليل القطعي على الجواز أو ذهابه في الاصول إلى عدم حجّية الظنّ فيها مع كون دليله الناهض على الجواز ظنّيا.
لكن ما أورده المصنّف من التشكيك في منع التقليد هنا ممّا لا نفهم معناه ، فإنّ أخذ الحكم في مسألة ـ ولو اصوليّة ـ بطريق التقليد لا ينافي صدق عنوان المجتهد عليه حقيقة