وأمّا استحقاقه الثواب على الانقياد وقصده الإطاعة فهو أمر آخر لا يرتبط بالمقام.
وأمّا المصلّي في الوقت فإن كان بحيث أحرز في صلاته جميع ما يعتبر في صحّتها حتّى القربة فهو يستحقّ الثواب ، حيث أتى بالمأمور به على وجهه مع قصده امتثال الأمر به ، ولا عقاب عليه من حيث عدم تعويله على الطريق المعتبر ، وإلاّ بأن أخلّ لعدم رجوعه إلى الطريق المعتبر مع الالتفات إلى طريقيّته ولتقصيره في جهله ببعض الامور المعتبرة في الصحّة وأقلّة القربة فيستحقّ العقاب على إخلاله بالمأمور به عن تقصير الّذي هو في الحقيقة ترك للواجب عليه اختيارا لا على جهله وعدم تعويله على الطريق المعتبر.
فصار محصّل الجواب : اختيار الشقّ الأوّل وهو استحقاقهما العقاب على تقدير تقصيريهما بحيث أوجب الإخلال في قصد الامتثال لإخلالهما بالمأمور به عن تقصير الّذي هو في معنى ترك الواجب لا عن عذر ، وهذا لا يجدي نفعا فيما هو مقصود المستدلّ وهو استناد الاستحقاق إلى الجهل وعدم كفاية إصابة الواقع من غير طريق معتبر.
واختيار الشقّ الثاني مع استحقاق المصلّي في الوقت الثواب على تقدير عدم تقصير لهما بحيث أوجب الإخلال بقصد القربة ، ولا يلزم بذلك إناطة استحقاق الثواب والعقاب بأمر خارج عن المقدور ، فإنّ الصلاة المفروضة من حيث صدورها عن كلّ منهما بإرادته واختياره فعل اختياري له ، وهذا الفعل الاختياري من حيث موافقته في أحدهما للأمر وانطباقه على المأمور به وصدوره منه بداعي امتثال الأمر دون الآخر فلا محالة يوجب له استحقاق الثواب دون صاحبه ، لعدم تحقّق امتثال في حقّه.
واختيار الشقّ الأخير مع استحقاق المصلّي في الوقت للثواب على تقدير إحرازه القربة في صلاته مع تقصير صاحبه في جهله ، ولا يلزم إناطة الاستحقاقين بأمر خارج عن المقدور أيضا كما عرفت.
وثالثها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « بني الإسلام على خمسة أشياء ـ إلى أن قال ـ : أمّا لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره ، وتصدّق بجميع ماله ، وحجّ جميع دهره ، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله حقّ في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان » فإنّ العامل الّذي أخذ أحكامه من غير الطرق الشرعيّة ليس عمله بدلالة وليّ الله إليه ، لأنّه إنّما يدلّ إلى الأخذ بالطرق المعتبرة ، فلا يستحقّ الثواب به وهو يستلزم الفساد.