.................................................................................................
______________________________________________________
النصف الآخر المظلم ، وهذا هو الذي يعبَّر عنه بتحت الشعاع والمحاق ، فلا يُرى منه أيّ جزء ، لأنّ الطرف المستنير غير مواجه لنا لا كلّاً كما في الليلة الرابعة عشرة ، ولا بعضاً كما في الليالي السابقة عليها أو اللاحقة.
ثمّ بعدئذٍ يخرج شيئاً فشيئاً عن تحت الشعاع ، ويظهر مقدار منه من ناحية الشرق ويُرى بصورة هلال ضعيف ، وهذا هو معنى تكوّن الهلال وتولّده ، فمتى كان جزء منه قابلاً للرؤية ولو بنحو الموجبة الجزئيّة فقد انتهى به الشهر القديم ، وكان مبدءاً لشهر قمري جديد.
إذن فتكوّن الهلال عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع بمقدار يكون قابلاً للرؤية ولو في الجملة ، وهذا كما ترى أمر واقعي وحداني لا يختلف فيه بلد عن بلد ، ولا صقع عن صقع ، لأنّه كما عرفت نسبة بين القمر والشمس لا بينه وبين الأرض ، فلا تأثير لاختلاف بقاعها في حدوث هذه الظاهرة الكونيّة في جوّ الفضاء.
وعلى هذا فيكون حدوثها بدايةً لشهر قمري لجميع بقاع الأرض على اختلاف مشارقها ومغاربها وإن لم يُر الهلال في بعض مناطقها لمانع خارجي ، من شعاع الشمس ، أو حيلولة الجبال ، وما أشبه ذلك.
أجل ، إنّ هذا إنّما يتّجه بالإضافة إلى الأقطار المشاركة لمحلّ الرؤية في الليل ولو في جزء يسير منه ، بأن تكون ليلة واحدة ليلة لهما. وإن كانت أوّل ليلة لأحدهما وآخر ليلة للآخر المنطبق طبعاً على النصف من الكرة الأرضيّة دون النصف الآخر الذي تشرق عليه الشمس عند ما تغرب عندنا ، بداهة أنّ الآن نهار عندهم ، فلا معنى للحكم بأنّه أوّل ليلة من الشهر بالنسبة إليهم.
ولعلّة إلى ذلك يشير سبحانه وتعالى في قوله : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ