.................................................................................................
______________________________________________________
ليجب القضاء لو أفطر ، ومقتضى الأصل البراءة عنه.
وأوضح حالاً ما لو كان تأريخ الفجر معلوماً ، لجريان استصحاب عدم البلوغ إلى ما بعد الطلوع المنتج لعدم الوجوب من غير معارض.
وأمّا لو انعكس الأمر فكان تأريخ البلوغ معلوماً دون الطلوع. فبناءً على ما هو الحقّ من عدم الفرق في تعارض الاستصحابين في الحادثين المتعاقبين بين الجهل بالتأريخين ، أو العلم بأحدهما ، نظراً إلى أنّ المعلوم وإن لم يجر فيه الاستصحاب بالنظر إلى عمود الزمان لعدم الشكّ فيه ، إلّا أنّه بالقياس إلى الزمان الواقعي للحادث الآخر فهو طبعاً مشكوك التقدّم عليه والتأخّر عنه. فلا مانع من جريان الاستصحاب بهذه العناية ، ولا أساس للتفصيل بين المعلوم والمجهول كما فصّلنا البحث حوله مستقصًى في الأُصول (١).
فعلى هذا المبنى جرى عليه حكم مجهولي التأريخ وقد تقدّم.
وأمّا على المبنى الآخر والالتزام بعدم الجريان في المعلوم بتاتاً فاستصحاب عدم طلوع الفجر إلى ما بعد البلوغ وإن كان سليماً وقتئذٍ عن المعارض ، إلّا لا أثر له ، إذ لا يثبت به كونه بالغاً حال الفجر ليجب عليه الصوم ويجب قضاؤه لو فاته ، فإنّه من أو ضح أنحاء الأُصول المثبتة التي لا تقول بحجّيّتها ، فالاستصحاب المزبور غير جارٍ في نفسه ، ومعه كانت أصالة البراءة عن وجوب القضاء محكّمة.
والحاصل : أنّ الأثر مترتّب على البلوغ حال الفجر لا على عدم الفجر حال البلوغ ، ولا يكاد يثبت الأوّل بالاستصحاب الجاري في الثاني إلّا على القول بالأصل المثبت.
فتحصّل : أنّ في شيء من فروض الشكّ لا يجب القضاء ، وإنّما يجب فيما إذا أحرز البلوغ قبل الفجر أو عنده وقد أفطر أو لم ينو الصوم.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٢٠٣ ٢٠٦.