.................................................................................................
______________________________________________________
الثالث : التعبير بكلمة الفدية أي الكفّارة فكأنّها ستر لأمر فيه حزازة فيكشف عن مرجوحيّته في نفسه.
وهذا واضح الدفع :
أمّا أوّلاً : فلأنّها لم ترد إلّا في رواية أبي بصير ، وهي ضعيفة كما عرفت.
وثانياً : أنّها لم تطلق حتّى في هذه الرواية على تأخير القضاء مع التمكّن منه ليتوهّم الحرمة إمّا من جهة التواني والتهاون أو البناء على العدم ، وإنّما أُطلقت بالإضافة إلى من استمرّ به المرض الذي لا يحتمل فيه الحرمة بوجه ، قال (عليه السلام) : «إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ثمّ صحّ فإنّما عليه لكلّ يوم أفطره فدية طعام» إلخ.
وعلى الجملة : لم يرد في شيء من الأخبار لفظ الفدية فضلاً عن الكفّارة ليستكشف منه الحرمة ، وإنّما ورد لفظ الفدية في خصوص من استمرّ به المرض الذي لا إشكال في عدم الإثم والحرمة حينئذٍ كما هو ظاهر.
هذا ، مع أنّ في جملة من روايات الإحرام ورد الأمر بالفدية في موارد لا يحتمل الحرمة ، كمن أمرّ بيده على لحيته فسقطت شعرة بغير اختياره ، فإنّه لا يكون حراماً جزماً (١).
وأمّا الأمر بالصدقة فقد ورد في صحيح ابن مسلم وزرارة وعلي بن جعفر ، ولكنّه أعمّ من ترك الواجب فلا يدلّ على الوجوب بوجه ، بل أنّ هذا بنفسه واجب مستقلّ ، فأيّ مانع من الالتزام بالتخيير بين أن يبادر فعلاً إلى الصوم ولا شيء عليه وبين أن يؤخّر بشرط أن يتصدّق؟! فلا يكشف الأمر بالصدقة عن وجوب المبادرة أو حرمة التأخير أبداً.
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٧٠ / أبواب بقية الكفارات ب ١٦ ح ١ ، ٢ ، ٣.