.................................................................................................
______________________________________________________
اختار السيّد الماتن (قدس سره) الثاني ، وهو الصحيح.
والوجه فيه : ما تكرّرت الإشارة إليه في مواضيع عديدة من مطاوي هذا الشرح ، وتعرّضنا له في الأُصول في بحث مقدّمة الواجب (١) ، حيث قلنا : إنّ الأمر الغيري بناءً على وجوب المقدّمة توصليّ لا يتوقّف سقوطه على تعلّق القصد به كما هو الشأن في جميع الأوامر الغيريّة.
نعم ، لو تعلّق بما هو عبادة في نفسه كالطهارات الثلاث وجب الإتيان بها على جهة العبادة ، وإلّا بطلت ، لا لدخلها في الأمر ، بل لعدم حصول المتعلّق ، فإنّه بنفسه عبادي حسب الفرض ، فلا بدّ من قصد الأمر النفسي المتعلّق بها ، وأمّا الأمر الغيري المقدّمي فهو توصليّ كما عرفت لا دخل له في تحقّق العبادة ، ولذا تتحقّق حتّى مع فقده وانتفائه ، كما لو توضّأ للصلاة ولم يصلّ ، فإنّ هذا الوضوء غير موصوف بالوجوب الغيري بناءً على ما هو الصحيح تبعاً لصاحب الفصول (٢) من اختصاص الوجوب بالمقدّمة الموصلة وأنّها ما لم تتعقّب بالإيصال الخارجي لم تكد تتّصف بالوجوب المقدّمي ، ومع ذلك لا شكّ في كونه محكوماً بالصحّة ، وليس إلّا من أجل كونه عبادة في نفسه ، ففساد الأمر الغيري وبطلانه لا يستدعي فساد متعلّقه إذا كان عبادة في حدّ نفسه ، لأنّ عباديّته لم تنشأ من قبل هذا الأمر لتتبعه في الفساد ، بل هي ثابتة من ناحية أمرها النفسي كما عرفت. والأمر الغيري يدعو إلى ما هو عبادة في نفسه.
ومن هذا القبيل : النذر المتعلّق بالعبادة كصلاة الليل ، فإنّ العباديّة لم تنشأ من ناحية الأمر النذري لأنّه توصليّ ، بل هي مأخوذة في نفس المتعلّق ، فلو صلّى بغير القربة لم يفِ ، لا لأنّ الأمر عبادي ، بل لعدم حصول متعلّق النذر في
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٣٩٦ ٤٠٣.
(٢) الفصول الغروية للاصفهاني : ٨٦.