.................................................................................................
______________________________________________________
عقلاً لا شرعاً كما هو محرّر في الأُصول (١).
وثانياً : سلّمنا الوجوب الغيري الشرعي ، لكن الواجب هو خصوص المقدّمة الموصلة ، لا الطبيعي على سريانه وإطلاقه كما حقّقناه في محلّه (٢). وعليه ، فالواجب إنّما هو الخروج المتعقّب بالوصول إلى ذي المقدّمة من سفرٍ ونحوه الذي هو مورد للعقد ، ومن البديهي وجود الواسطة بين هذا الخروج وبين الاعتكاف ، وهو الخروج لغايةٍ أُخرى غير المتعقّب بذي المقدّمة.
وثالثاً : سلّمنا وجوب المقدّمة على إطلاقها فكان الخروج مطلقاً واجباً بالوجوب الغيري ، ولكنّه إنّما يكون مضادّاً للاعتكاف من غير ثالث إذا كان الاعتكاف متقوّماً بطبيعي المكث ، وليس كذلك ، بل هو متقوّم بالمكث ثلاثة أيّام ، ومن المعلوم وجود الواسطة بين المكث ثلاثاً وبين الخروج وهو المكث أقلّ من الثلاثة أو أكثر فيقال له : اخرج وإلّا فأمكث ثلاثاً ، وهذا نظير أن يقال : اسكن وإلّا تحرّك نحو الشرق أو إلى الكوفة أو حركة سريعة ، فإنّ الواسطة موجودة حينئذٍ ، وهي الحركة نحو الغرب أو كربلاء أو البطيئة ، فالتقييد بقيد يخرج الضدّين عمّا لا ثالث لهما إلى ما لهما ثالث ، وهو متحقّق في المقام كما عرفت.
ورابعاً : مع الغضّ عن كلّ ذلك فلا ريب أنّ الاعتكاف عبادي ، ومن المعلوم أنّ بين الخروج وبين المكث القربي واسطة ، وهو المكث لا لله ، فهما من الضدّين اللّذين لهما ثالث بالضرورة :
وعلى الجملة : فلا ينبغي التأمّل في جريان الترتّب في المقام وإمكان تصحيح الاعتكاف بذلك.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٢٩٦ و٤٣٦ و٤٣٨.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤١٤ ٤١٥.