.................................................................................................
______________________________________________________
مدّة معينة من شهر أو سنة ، ولا ريب في اعتبار الإذن حينئذٍ في صحّة الاعتكاف ، لعين الوجه المتقدّم في العبد ، إذ لا فرق بينهما إلّا أنّ العبد مملوك لمولاه عيناً ومنفعةً وهذا مملوك للمستأجر منفعة فقط ، ومن المعلوم أنّ مناط الافتقار إلى الإذن إنّما هو مملوكيّة المنفعة المشتركة بينهما.
وأمّا في غير الأجير الخاصّ بالمعنى المزبور ، كمن كان أجيراً لعملٍ معيّن كالسفر في وقت خاصّ فخالف واشتغل بالاعتكاف ، فالظاهر هو الصحّة وإن كان آثماً في المخالفة ، لوضوح أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه ، فيمكن حينئذٍ تصحيح العبادة بالخطاب الترتّبي بأن يؤمَر أوّلاً بالوفاء بعقد الإيجار ، ثمّ على تقدير العصيان يؤمَر بالاعتكاف من غير حاجة إلى الإذن ، إلّا في رفع الإثم لا في صحّة الاعتكاف.
نعم ، قد يتوهّم عدم جريان الترتّب في مثل المقام ، نظراً إلى أنّ مورده ما إذا كان المتزاحمان من الضدّين اللّذين لهما ثالث كي يمكن الأمر بأحدهما على تقدير عصيان الآخر مثل : الصلاة والإزالة ، أمّا ما ليس لهما ثالث كالحركة والسكون فلا يجري فيه الترتّب بوجه ، إذ لا معنى للأمر بالسكون على تقدير عدم الحركة ، فإنّه من تحصيل الحاصل ، لرجوعه إلى قولك : إذا سكنت فأسكن.
ومقامنا من هذا القبيل ، إذ الأجير مأمور بالخروج عن المسجد ليفي بعقد الإجارة من سفرٍ ونحوه ، وهو مضادّ للمكث الذي هو حقيقة الاعتكاف من غير ثالث ، إذ لا واسطة بين الخروج والمكث ، فمرجع الخطاب الترتّبي في المقام إلى قولك إذا لم تخرج أي مكثت في المسجد فأمكث ، ولا محصّل له.
ولكنّه مدفوع من وجوه :
أمّا أوّلاً : فلأنّ المأمور به إنّما هو الوفاء بالعقد الذي هو ضدّ للاعتكاف ولهما ثالث دون الخروج. نعم ، هو مقدّمة للوفاء ، ولا نقول بوجوب المقدّمة إلّا