.................................................................................................
______________________________________________________
فبنى مثلاً على أنّ الخروج اليسير من المسجد ولو لا لحاجة غير قادح في الصحّة ، فخرج ورجع ثمّ تبدّل رأيه وانكشف خطأه فهل يكون هذا أيضاً ملحقاً بالعالم في الحكم بالبطلان؟ الظاهر : نعم.
والوجه فيه : ما ذكرناه في الأُصول عند التكلّم حول حديث الرفع (١) ، وملخّصه : إنّ الحديث بفقراته التسع يوجب التقييد في الأدلّة الأوليّة ، فالجزئيّة أو الشرطيّة أو المانعيّة مرفوعة لدى الجهل بها ، وحيث إنّ هذه الأحكام ممّا لا تنالها يد الجعل التشريعي استقلالاً كما حُقّق في محلّه ، وإنّما هي مجعولة بتبع جعل منشأ انتزاعها وهو تعلّق الأمر بالمركّب من هذا الشيء ، أو المقيّد به أو المقيّد بعدمه ، فلا جرم كان رفعها برفع مناشئ انتزاعها ، فيقال لدى الشكّ في جزئيّة السورة مثلاً : إنّ شمول الأمر المتعلّق بالمركّب لهذا الجزء مشكوك ، فهو مرفوع ، فطبعاً لا تكون جزء من الصلاة ، وحيث إنّ أصل الأمر بالصلاة معلوم لدينا بالوجدان فلا محالة يكون الواجب هو الباقي من الأجزاء ، فيحكم بصحّتها لأجل العلم المقرون بالأصل المزبور.
ولكن هذا الرفع مخصوص بحال الجهل ومراعى ببقاء هذه الحالة ، لأنّ الحكومة حكومة ظاهريّة ، وإلّا فالواقع باقٍ على حاله ، ولا تغيّر ولا تبدّل فيه بتاتاً ، ومن هنا يحسن الاحتياط في ظرف الجهل ، وإلّا فمع الانقلاب لا معنى للاحتياط كما لا يخفى.
وعليه ، فمع انكشاف الخلاف وارتفاع الجهل لا مناص من الإعادة ، إذ الاجتزاء بالناقص عن الكامل يحتاج إلى الدليل ، ولا دليل إلّا في خصوص الصلاة فيما عدا الأركان بمقتضى حديث : «لا تعاد» (٢) ، وحيث لم يرد مثل هذا
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٢٥٧.
(٢) الوسائل ٤ : ٣١٢ / أبواب القبلة ب ٩ ح ١.