.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا إذا بنينا على وجوب المقدّمة شرعاً فالأمر كذلك أيضاً ، لأنّ هذا وجوب غيري ، والأمر الغيري المقدّمي توصليّ لا تعبّدي ، فلا يجب قصد الأمر الناشئ من قبل الاعتكاف ليجب الصوم من أجله ، ومناط العباديّة شيء آخر غير هذا الأمر ، وهو الأمر النفسي العبادي المتعلّق بالصوم إمّا الاستحبابي أو الوجوبي ، فحال الأمر بالصوم هنا حال الأمر المقدّمي المتعلّق بالطهارات التي تكون مناط عباديّتها الأوامر النفسيّة المتعلّقة بذواتها كما حقّقناه في الأُصول.
وعليه ، فلا يزيد الالتزام بوجوب المقدّمة شرعاً على إنكارها في عدم وجوب قصد الصوم لأجل الاعتكاف على التقديرين ، بل اللازم إنّما هو الإتيان بطبيعي الصوم وهو الشرط في الصحّة ، أي الصوم الأعمّ من كونه له أو بعنوان آخر ندبي أو وجوبي أصلّي كشهر رمضان ، أو عرضي من نذر ونحوه.
والروايات الحاكية لاعتكاف النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في العشر الأواخر من شهر رمضان دالّة عليه بوضوح كما لا يخفى.
ويتفرّع على ذلك ما سيذكره (قدس سره) في المسألة السادسة من أنّه لو نذر الاعتكاف إمّا مطلقاً أو في أيّامٍ معيّنة وكان عليه صوم واجب لنذر أو استئجار ونحوهما ، جاز له الصوم في تلك الأيّام وفاءً عن النذر أو الإجارة ، لما عرفت من أنّ الشرط في الصحّة إنّما هو جامع الصوم المنطبق على ما كان واجباً بالنذر ونحوه ، اللهمّ إلّا أن يكون نذر اعتكافه مقيّداً بأن يصوم لأجله ، فإنّه لم يجز حينئذٍ أن يصوم عن غيره من نذرٍ ونحوه ، لكونه مخالفاً لنذره كما هو ظاهر جدّاً.