.................................................................................................
______________________________________________________
والوجه فيه ما ذكرناه في الأُصول في مبحث البراءة من أنّ حديث الرفع لا يشمل المستحبّات ، لأنّ المرفوع في مقام الامتنان إمّا المؤاخذة أو حكم إلزامي يكون قابلاً للوضع ليُرفع ، وليس هو إلّا وجوب الاحتياط ، لوضوح أنّ المكلّف لا يتمكّن من امتثال الواقع المجهول ، فوضعه بإيجاب الاحتياط كما أنّ رفعه برفعه. ومن المعلوم أنّ شيئاً منهما لا يجري في المستحبّات ، أمّا الأول فظاهر ، وكذا الثاني ، لأنّ استحباب الاحتياط ثابت جزماً ، وليس في رفعه أيّ امتنان ، ولأجل ذلك ذكرنا أنّ البراءة غير جارية في المستحبّات (١).
وهذا البيان الذي ذكرناه في حديث رفع التكليف جارٍ في حديث رفع القلم عن الصبي بعينه ، لعدم الفرق بينهما إلّا من حيث إنّ الرفع هناك ظاهري وهنا واقعي ، وهذا لا يكاد يؤثّر فرقاً فيما نحن بصدده بوجه.
فتحصّل : أنّ حديث الرفع غير جارٍ في المقام وأمثاله من سائر المستحبّات من أصله ليُتكلّم في تحقيق المرفوع ، وأنّه الإلزام أو أصل المشروعيّة ليُتصدّى لإقامة الدليل على إثباتها.
بل إطلاقات الأدلّة من الأوّل شاملة للصبي من غير مزاحم ، فتستحبّ له قراءة القرآن والزيارة وصلاة اللّيل وغيرها ، ومنها الاعتكاف بنفس الإطلاقات من غير حاجة إلى التمسّك بمثل قوله (عليه السلام) : «مروا صبيانكم بالصلاة والصيام» ، وإنّما نحتاج إلى ذلك في الأحكام الإلزاميّة فقط حسبما عرفت.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٢٧٠.