.................................................................................................
______________________________________________________
تقدير الترك يؤمَر بالمكث بنيّة الاعتكاف وجوباً أو استحباباً ، بناءً على ما هو الصحيح من إمكان الترتّب.
ولا فرق في ذلك بين القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ أم لا ، إذ على القول بالاقتضاء يكون النهي تبعيّاً من باب أنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة للضدّ الآخر ، فيكون فعله منهيّاً عنه ، ومن الواضح عدم المنافاة بين النهي التبعي وبين الأمر به على تقدير ترك ذي المقدّمة ، فيجري الترتّب في المقام حتّى على القول بالاقتضاء فضلاً عن القول بالعدم كما هو الصحيح.
على أنّه يمكن تصحيح الاعتكاف حتّى على القول بإنكار الترتّب والاكتفاء في البطلان بالنهي ، بل بمجرّد عدم الأمر باعتبار أنّه عبادة يعتبر في صحّته الأمر ولا يمكن الأمر بالضدّين معاً ولو مترتّباً.
والوجه في ذلك : أنّه لا شك في الصحّة على تقدير الخروج ، فهذا المقدار من المكث خارج عن الاعتكاف ومستثنى منه بمقتضى الأمر المتعلّق بالخروج ، فطبعاً تبقى بقيّة الأجزاء تحت الأمر ، وليس في البين عدا احتمال أن يكون الخروج دخيلاً في صحّة الاعتكاف ، ولكنّه احتمالٌ بعيد ، بل لعلّه مقطوع العدم ، إذ لا شكّ في عدم كونه شرطاً للاعتكاف ولا جزءاً منه ، فإذا صحّ الاعتكاف على تقدير الخروج صحّ على تقدير عدمه أيضاً وإن كان عاصياً.
وبعبارة اخرى : بعد أن لم يكن عدم المكث بمقدار الخروج قادحاً بشهادة الصحّة لو خرج فيبقى احتمال كون الخروج شرطاً في الصحّة ، وهو ساقط جزماً كما عرفت ، غايته أنّه ترك واجباً أو ارتكب محرّماً ، ولا يضرّ ذلك بالصحّة بالضرورة ، فلو بقي حتّى انتفى موضوع الخروج من إنقاذ غريق أو إطفاء حريق مثلاً لم يكن أيّ موجب للبطلان ، بل لا موجب حتّى إذا كان المكث حراماً بنفسه ، كما لو أجنب في المسجد ووجب الخروج للغسل فعصى ولم يخرج ، ولم يكن ذلك موجباً لتفويت مقدار من المكث الواجب على تفصيلٍ