.................................................................................................
______________________________________________________
والإيقاعات من مباحث المكاسب (١).
وملخّصه : أنّا ذكرنا هناك أنّ التعليق في الأفعال الخارجيّة الصادرة من المكلّفين كالشرب والاقتداء والضرب ونحو ذلك أمر غير معقول ، إذ لا معنى لأن يشرب هذا المائع معلّقاً على كونه ماءً ، بداهة أنّ الشرب جزئي خارجي دائر أمره بين الوجود والعدم ، فإمّا أن يشرب أو لا يشرب ، ومع الشرب فقد تحقّق هذا المفهوم خارجاً ، سواء أكان المشروب ماءً أم غير ماء ، فلا معنى لتعليق شربه الخارجي على تقديرٍ دون تقدير.
نعم ، يمكن أن يكون الداعي على الشرب تخيّل أنّه ماء فيتبيّن الخلاف ، فيكون من باب التخلّف في الداعي والاشتباه في التطبيق ، لا من باب التعليق والتقييد.
ونحوه الاقتداء معلّقاً على أن يكون الإمام هو زيداً فبان أنّه عمرو ، فإنّ الاقتداء فعل خارجي إمّا أن يتحقّق أو لا ، ولا يكاد يتحمّل التعليق والتقدير بوجه. فإنّ هذا نظير أن يضرب أحداً معلّقاً على كونه زيداً ، فإنّه لا معنى لأن يتقيّد حصول الضرب بتقدير دون تقدير ، إذ الضرب قد حصل خارجاً بالضرورة ، سواء أكان المضروب هو زيداً أم عمرواً.
وبالجملة : فهذه الأفعال لا تكاد تقبل التعليق أبداً ، وإنّما هي من باب الاشتباه في التطبيق والتخلّف في الداعي.
كما أنّ الإنشاء بما هو إنشاء غير قابل للتعليق أيضاً ، فإنّه يوجد بمجرّد إبراز ما في النفس من الاعتبار ، فلا معنى لقوله : بعتك إن كان هذا يوم الجمعة ، ضرورة أنّه قد أبرز اعتبار البيع خارجاً ، سواء أكان اليوم يوم الجمعة أم لا ، فقد تحقّق الإنشاء بمجرّد الإبراز من غير إناطته بشيء أبداً.
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٢ : ٣٢٠ ٣٢٤.