.................................................................................................
______________________________________________________
وكيفما كان ، فهذا الكتاب لم يصل بنفسه إلى صاحب الوسائل ، وإنّما يروي عنه بواسطة ابن إدريس ، وبما أنّ الفصل بينه وبين الحميري طويل فهو طبعاً ينقل عنه مع الواسطة ، وحيث أنّها مجهولة عندنا فلا جرم يتّصف الطريق بالضعف ، غايته أن يكون هو متيقّناً بالصحّة ، ولكن يقينه لا يكون حجّة علينا ، فلا علم لنا إذن باستناد الكتاب المزبور إلى الحميري.
ودعوى عدم الحاجة إلى معرفة الطريق فيما يرويه ابن إدريس الذي نعلم بأنّه لا يعمل بأخبار الآحاد ، فلعلّه بلغه على سبيل التواتر أو بالطريق المحفوف بالقرينة القطعيّة.
كما ترى ، فإنّ التواتر بعيد جدّاً في المقام كما لا يخفى ، والقرينة القطعيّة المحفوف بها الطريق ، غايتها أن تكون قطعيّة بالإضافة إليه كما سمعت ، ومن الجائز عدم إفادتها القطع لنا لو عثرنا عليها.
وعلى الجملة : فليس المستند في المسألة هذه المكاتبة ، لعدم كونها نقيّة السند.
بل المستند فيها التعليل الوارد في صحيح ابن مسلم المتقدّم ، قال (عليه السلام) : «الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان ، لأنّهما لا تطيقان الصوم» (١).
فإنّ نفي الحرج كناية عن نفي العقاب ، لا الحرج المصطلح كما هو واضح ، ومن البيّن اختصاص صدق عدم الإطاقة بصورة الانحصار والاضطرار إلى الإرضاع ، وإلّا فمع وجود المندوحة والتمكّن من الإرضاع بلبن آخر لم يكن التصدّي وقتئذٍ مصداقاً لعدم الإطاقة ، فإنّه نظير من يجلس اختياراً في الشمس طول النهار ، حيث إنّه وإن لم يتمكّن من الصوم حينئذٍ لشدّة العطش إلّا أنّه
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٢١٥ / أبواب من يصح منه الصوم ب ١٧ ح ١.