.................................................................................................
______________________________________________________
للاتّفاق بلا إشكال.
وأُخرى : يكون القيد من الخصوصيّات الفرديّة ومتعلّقاً بشخص الهلال وحقيقته ، كما لو شهد أحدهما بأنّه كان جنوبيّا ، ويقول الآخر بأنّه كان شماليّاً ، بحيث كانت لكلّ منهما شهادة واحدة متعلّقة بفرد خاص مغاير لما تعلّق بالفرد الآخر ، ونحوه ما لو أخبر أحدهما بأنّه كان مطوّقاً ، أو كانت فتحته نحو الأرض ، وقال الآخر بأنّ فتحته نحو السماء ، أو أنّه لم يكن مطوّقاً ، ونحو ذلك ممّا يتعلّق بخصوصيّات نفس الهلال دون الحالات المقارنة معه بحيث إنّ أحدهما يخبر عن فرد ، ويخبر الآخر عن فرد آخر.
فبطبيعة الحال يقع التكاذب حينئذٍ بين الشهادتين ، لأنّ ما يثبته هذا ينفيه الآخر وبالعكس ، إذ لا يمكن أن يكون الهلال في آنٍ واحد متّصفاً بخصوصيّتين متضادّتين ، فمن يدّعي الجنوبيّة ينفي الشمالية ، فكلّ منهما مثبت ونافٍ لمدلول الآخر ، فلم يتّفقا على شيء واحد لتتحقّق بذلك البيّنة الشرعيّة.
نعم ، قد يقال : إنّهما وإن اختلفا في المدلول المطابقي وهو الإخبار عن فرد خاصّ من الهلال ، إلّا أنّهما متّفقان في المدلول الالتزامي وهو الاخبار عن أصل وجود الهلال والكلّي الجامع القابل للانطباق على كلّ من الفردين ، ولا فرق في حجّية البيّنة كغيرها ممّا هو من مقولة الحكاية بين المدلول المطابقي والالتزامي ، فإذا سقطت المطابقة عن الحجّية إمّا لأجل المعارضة ، أو لعدم حصول الشهادة الشرعيّة لا مانع من الأخذ بالمدلول الالتزامي.
ولكنّه يندفع بما تعرّضنا له مستقصًى في مبحث المياه عند التكلّم حول الشهادة على النجاسة وثبوتها بالبيّنة (١) ، وقلنا ثمّة ما ملخّصه : أنّ الدلالة الالتزاميّة كما أنّها تابعة للمطابقيّة في الوجود أي في أصل الدلالة وتحقّقها كذلك تتبعها في
__________________
(١) شرح العروة ٢ : ٢٦٠ ٢٦٦.