والواو في والورى للحال ، وهو مبتدأ (١) وخبره قوله معي ، وإنّما مثّل بمثالين (٢) ، لأنّ الأوّل متناه في الثّقل ، والثّاني دونه (٣) ، أو لأنّ (٤) منشأ الثّقل في الأوّل نفس اجتماع الكلمات ، وفي الثّاني حروف منها وهو تكرير أمدحه دون مجرّد الجمع بين الحاء والهاء ، لوقوعه (٥) في التّنزيل مثل (فَسَبِّحْهُ) فلا يصحّ القول بأنّ مثل هذا الثّقل مخلّ بالفصاحة (٦) ،
______________________________________________________
الشّاهد في قوله : «أمدحه أمدحه» حيث إنّه لمكان التّكرار أصبح ثقيلا على اللّسان فيكون غير فصيح إلّا أنّ ثقله دون الثّقل المذكور في البيت السّابق فيكون التّنافر فيه من القسم الثّاني.
(١) أي «الورى» مبتدأ.
(٢) أحدهما هو البيت الأوّل وثانيهما هو البيت الثّاني.
(٣) أي التّنافر في المثال الأوّل أكثر ثقلا من التّنافر في المثال الثّاني.
(٤) هذا هو الفرق الثّاني بين البيتين المذكورين ، فالفرق الأوّل : أنّ الأوّل متناه في الثّقل ، والثّاني دونه. والفرق الثّاني : أنّ منشأ الثّقل في الأوّل نفس اجتماع الكلمات حيث إنّ حروف قرب ، وقبر ، وحرب ، من دون ملاحظة اجتماع هذه الثّلاثة غير متنافرة أصلا وإنّما التّنافر بين نفس هذه الكلمات عند اجتماعها باعتبار حروفها ، ومنشأ الثّقل في الثّاني ، ـ أعني بيت أبي تمّام ، حروف منها أي الكلمات أريد بالجمع ما فوق الواحد. فلا يرد أنّ البيت فيه كلمتان متنافرتان فلا مجال لقوله : وفي الثّاني حروفها بتأنيث الضّمير ، ثمّ المراد من الحروف مجموع الحاءين والهاءين الّتي في قوله «أمدحه أمدحه» وفي عدّ الهاء من الحروف مع كونه اسما لأنّه ضمير تجوّز ومسامحة لكونه على صورة الحرف أو تغليب.
(٥) أي لوقوع الجمع بين الحاء والهاء في التنزيل مثل (فَسَبِّحْهُ ،) وحاصل الكلام في المقام : أنّ الثّقل في «أمدحه» ليس لما يتوهّم من أنّ منشأ الثّقل هو الجمع بين الحاء والهاء إذ لو كان قوله : «أمدحه» غير فصيح لما في الجمع بين الحاء والهاء من الثّقل لكان مثل (فَسَبِّحْهُ) أيضا غير فصيح لوجود هذا الملاك فيه أيضا ، والقول باشتمال القرآن على كلام غير فصيح ممّا لا يجترئ عليه مؤمن ، فمراد المصنّف أنّ في «أمدحه» شيئا من الثّقل فإذا انضمّ إليه «أمدحه» الثّاني تضاعف ذلك ويحصل التّنافر.
(٦) أي لا يصحّ القول بأنّ مثل هذا الثّقل الحاصل بمجرّد الجمع بين الحاء والهاء مخلّ