بمطابقته (١) للاعتبار المناسب (٢) وانحطاطه] أي انحطاط شأنه (٣) [بعدمها] أي بعدم مطابقته (٤) للاعتبار المناسب ، والمراد (٥) بالاعتبار المناسب الأمر الّذي اعتبره المتكلّم مناسبا بحسب السّليقة (٦) أو بحسب تتبّع تراكيب البلغاء (٧) ،
______________________________________________________
بعدمها ، إنّما يكون في باب الحسن لا في غير هذا الباب ، كباب التّرغيب والتّرهيب والنّصيحة ، فإنّ ارتفاعه وانحطاطه في هذه الأبواب باعتبار كثرة التّأثير وقلّته ، واشتماله على كثرة النّصائح وقلّتها فكلّما كان الاشتمال أتمّ ، وكان المشتمل عليه أليق بحال المخاطب ، كان الكلام في مراتب الحسن في نفسه أو القبول عند البلغاء أرفع وأعلى ، وكلّما كان أنقص كان أشدّ انحطاطا وأدنى درجة ، وأقلّ حسنا وقبولا. فالقبول عند البلغاء بقدر المطابقة للاعتبار المناسب والانحطاط بقدر عدم المطابقة.
(١) أي بمطابقة الكلام.
(٢) أي المناسب للحال والمقام.
(٣) أي شأن الكلام ، والتّفسير إشارة إلى أنّ الانحطاط مضاف إلى الضّمير الرّاجع إلى شأن الكلام لا إلى نفسه.
(٤) أي الكلام ، والتّفسير يدلّ على أنّ مرجع الضّمير المؤنّث هي المطابقة.
(٥) دفع لسؤال مقدّر. تقريب السّؤال : أنّه لا وجه لتوصيف الاعتبار بالمناسب للحال والمقام ، فإنّ ما هو المناسب للحال إنّما هو متعلّق الاعتبار ـ أي الأمر المعتبر كالتّأكيد والتّجريد والحذف وغيرها من مقتضيات الأحوال ـ لا الاعتبار الّذي هو فعل من أفعال المتكلّم ، مثلا قولك : إنّ زيدا قائم ، مشتمل على التّأكيد ـ وهو الأمر المعتبر ـ لا على اعتبارك وملاحظتك له.
وحاصل الدّفع : إنّ المراد بالاعتبار هو الأمر المعتبر من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول مبالغة وتنبيها على أنّ الأمر المناسب للزوم اعتباره ، صار كنفس الاعتبار.
(٦) هذا فيما إذا كان المتكلّم من العرب العرباء ، فإنّ العرب بحسب سليقته وطبيعته وجبلّته يتكلّم بكلام بليغ.
(٧) هذا فيما إذا كان المتكلّم من غير العرب ، ثمّ المراد بالتّتبّع هو مطلق التّتبّع أي سواء كان بلا واسطة أو معها.