بالمحسّنات البديعيّة [فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب] للحال والمقام (١) يعني (٢) إذا علم أن ليس ارتفاع شأن الكلام الفصيح في الحسن الذّاتي إلّا بمطابقته (٣) للاعتبار المناسب على ما تفيده إضافة المصدر (٤) ، ومعلوم (٥) أنّه إنّما يرتفع بالبلاغة الّتي هي عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال.
______________________________________________________
قوله : «البلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته» فيكون معنى كلامه إنّ ارتفاع شأن الكلام منحصر في الحسن الذّاتي. ويمكن تحرير السّؤال والجواب بتعبير آخر ، فتحرير السّؤال : إنّ قوله : «وارتفاع شأن الكلام في الحسن بمطابقته ...» لا يتمّ لأنّ ارتفاع شأنه في الحسن إنّما هو باشتماله على المحسّنات البديعيّة لا بالمطابقة المذكورة.
وحاصل الجواب : إنّ المراد بالحسن هو الحسن الذّاتي الحاصل بالبلاغة ، ولا شكّ أنّ ارتفاعه إنّما هو بالمطابقة المذكورة لا الحسن العرضي الّذي يحصل بالمحسّنات البديعيّة.
(١) الفاء في قوله : «فمقتضى» تفريعيّة ، فكلامه هذا تفريع على قوله : «وارتفاع شأن الكلام ...» والضّمير في قوله : «هو الاعتبار ...» ضمير فصل مفيد للحصر ، فمعنى كلامه أنّ مقتضى الحال هو الاعتبار المناسب لا غير.
(٢) وقد أشار بهذا التّفسير إلى أنّ الفاء تفريعيّة لا تعليليّة ، وذلك لوجهين :
الأوّل : لكثرة الفاء التّفريعيّة.
الثّاني : إنّ المناسب للفاء التّعليليّة أن يقول : فالاعتبار المناسب هو مقتضى الحال والمقام ، بدل قوله : «فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب للحال والمقام».
هذا مع أنّ جعل الفاء للتّعليل ركيك ، وفي الدّسوقي : إنّ التّفسير المذكور إشارة إلى أمرين ، أي إلى كون الفاء تعليليّة ، وإلى تقدير مقدّمة بديهيّة غير معلومة من كلام المصنّف ، وترك ذكرها للعلم بها ، وستأتي الإشارة إليها في كلام الشّارح «ومعلوم أنّه ...».
(٣) أي مطابقة الكلام الفصيح.
(٤) وهو قوله : «ارتفاع ...» فإنّه مفرد مضاف إلى معرفة فيفيد العموم ، والعموم في هذا المقام يستلزم الحصر ، لأنّ المعنى حينئذ هو كلّ ارتفاع فهو بالمطابقة ، وإذا كان الأمر كذلك ، فلا يكون ارتفاع بدون المطابقة المذكورة.
(٥) أي معلوم من كلامهم لا من كلام المصنّف ، فهذا الكلام من الشّارح إشارة إلى