وبالحسن (١) الحسن الذّاتي الدّاخل في البلاغة دون العرضيّ الخارج لحصوله
______________________________________________________
الفصيح لذكره الفصاحة في الكلام في تعريف البلاغة في الكلام ، حيث قال : «البلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته» ، فحينئذ يدفع الإيراد عن كلتا المقدّمتين ، لأنّ أصل الحسن ثبت للكلام بالفصاحة وارتفاع ذلك الحسن يكون بالمطابقة ، كما أنّ انحطاطه بعدمها.
وبعبارة واضحة : إنّ أصل الحسن إنّما يتحقّق بالفصاحة ، فارتفاعه يحصل بالمطابقة كما أنّ انحطاطه من المرتبة العليا الحاصلة بالمطابقة إلى المرتبة الدّنيا الحاصلة بالفصاحة يحصل بعدم المطابقة.
لا يقال : إنّ هذا الجواب من الشّارح ينافي ما سيأتي من المصنّف من أنّ الكلام الغير المطابق للاعتبار المناسب ملتحق بأصوات الحيوانات فلا حسن فيه أصلا ولو بواسطة الفصاحة.
فإنّه يقال : إنّ الالتحاق بأصوات الحيوانات في كلامه مقيّد ب «عند البلغاء» فلا يلزم من التحاقه بها عندهم التحاقه بها عند غيرهم ممّن يكون واجدا للفصاحة فقط ، فيكون معنى كلامه في المقام ـ على ما فسّره الشّارح ـ إنّ ارتفاع شأن الكلام الفصيح في الحسن والقبول عند غير البلغاء بمطابقته للاعتبار المناسب وانحطاطه بعدمها ، وهذا لا ينافي ما سيجيء منه.
(١) هذا جواب عن سؤال مقدّر ، وهو أنّ ما ذكره المصنّف ـ من أنّ ارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول بمطابقته للاعتبار المناسب لا غير ، حيث إنّ إضافة المصدر تفيد الحصر ـ لا أساس له إذ لا شكّ في أنّ ارتفاع شأن الكلام لا ينحصر في المطابقة ، بل قد يرتفع باشتماله على المحسّنات اللّفظيّة والمعنويّة البديعيّة كالجناس والطباق ونحوهما.
وحاصل الكلام في الجواب : إنّ المراد بالحسن في المقام هو الحسن الذّاتي الّذي هو داخل في البلاغة لا مطلق الحسن فحينئذ لا يبقى مجال لهذا السّؤال ، لأنّ ارتفاع شأن الكلام بالمحسّنات البديعيّة إنّما هو في الحسن العرضي الخارج عن البلاغة لا في الحسن الذّاتي الدّاخل في البلاغة ، ثمّ المراد من كون الحسن داخلا في البلاغة كون موجبه وسببه داخلا في تعريفها ، أعني المطابقة فإنّها سبب للحسن ومأخوذة في تعريف البلاغة في