[عند البلغاء بأصوات الحيوانات (١)] الّتي تصدر عن محالّها (٢) بحسب ما يتّفق (٣) من غير اعتبار (٤) اللّطائف والخواصّ الزّائدة على أصل المراد [وبينهما] أي بين الطّرفين (٥) [مراتب كثيرة] متفاوتة بعضها أعلى من بعض (٦) بحسب (٧) تفاوت المقامات
______________________________________________________
(١) يمكن أن يقال : إنّ ما ذكره من التّعريف للأسفل غير مانع ، لأنّه يشمل للطّرف الأعلى والوسط أيضا ، لأنّ ما يكون دون الأسفل وأنزل منه يكون دون الأعلى والوسط أيضا بقياس المساواة ، فعليه يصدق على كلّ واحد منهما أنّه مرتبة من البلاغة إذا غيّر الكلام عنه إلى ما دونه يلتحق بأصوات الحيوانات. فالتّعريف المذكور غير مانع ، مع أنّ التّعريف يجب أن يكون مانعا كما يجب أن يكون جامعا. ويمكن الجواب عن ذلك بأنّ المراد بقوله : «ما دونه» ما يكون تحته ملاصقا له ومتّصلا به ، كما في القاموس ، فلا يشمل الأعلى والوسط ، لأنّ الكلام إذا غيّر إلى ما يتّصل بهما لا يخرج عن دائرة البلاغة حتّى يلتحق بأصوات الحيوانات عند البلغاء.
(٢) أي الحيوانات غير الإنسان لأنّها محالّ الأصوات الغير المعتمدة على مخارج الحروف.
(٣) متعلّق بقوله «تصدر» وكلمة «ما» إمّا موصولة وإمّا مصدريّة. فيكون المعنى على الأوّل تصدر الأصوات عن محالّها بحسب الأمور الّتي تتّفق مع تلك الأصوات من دون أن تقتضي هذه الأمور لها. وعلى الثّاني بحسب اتّفاق الأصوات وحصولها بلا علّة مقتضية لها.
(٤) قوله : «من غير اعتبار» متعلّق بقوله «تصدر» وبيان للصّدور بحسب الاتّفاق ، المراد ب «اللّطائف» مقتضيات الأحوال كالتّأكيد والتجريد والحذف والإضمار وغيرها. و «الخواصّ» عطف تفسيريّ ل «اللّطائف». وحاصل المعنى : إنّ الكلام إذا غيّر عن الأسفل إلى ما دونه التحق بأصوات الحيوانات الّتي تصدر عن أصحابها بحسب الاتّفاق ، أي بدون اعتبار اللّطائف والخواصّ الزّائدة على أصل المراد.
(٥) أي الأعلى والأسفل.
(٦) أي بعض المراتب أعلى من بعض ، فيكون قوله : «بعضها أعلى من بعض» بيانا للتّفاوت.
(٧) متعلّق بقوله «متفاوتة» فالمعنى أنّ المراتب الكثيرة متفاوتة بحسب تفاوت المقامات كمّا وكيفا.