من (١) التّقديم والتّأخير والإثبات والحذف وغير ذلك ومقتضى الحال (٢) في التّحقيق هو الكلام الكلّي المتكيّف بكيفيّة مخصوصة على ما أشير إليه في المفتاح وصرّح به في شرحه لا نفس الكيفيّات من التّقديم والتّأخير والتّعريف والتّنكير على ما هو ظاهر عبارة المفتاح (٣) وغيره ،
______________________________________________________
اللّفظ من هذه الحيثيّة» المذكورة بل من حيث وضوح الدّلالة وخفائها ، ومن جهة كون اللّفظ حقيقة أو مجازا أو كناية ، فلا يكون البحث من علم المعاني.
(١) «من» بيان للأمور والضّمير في «له» عائد إلى اللّفظ ، فمعنى العبارة : إنّ المراد بأحوال اللّفظ هي الأمور العارضة للّفظ كالتّقديم والتّأخير والإثبات والحذف وغير ذلك ، وليس المراد بها الأمور الدّاعية التي أضيف إليها المقتضي في قولهم : مقتضى الحال كإنكار المخاطب مثلا ، فالإنكار حال يقتضي التّأكيد إلّا أنّه ليس من أحوال اللّفظ بل من أحوال المخاطب.
(٢) قوله : «ومقتضى الحال» جواب عن سؤال مقدّر أنّه إذا كانت أحوال اللّفظ هي التّقديم والتّأخير والتّعريف والتّنكير وغير ذلك ، لزم اتّحاد ما هو سبّب المطابقة والمطابق وهو باطل ، وأمّا لزوم الاتّحاد المذكور ، فلأنّ الأحوال المذكورة هي بعينها مقتضى الحال فكيف يصحّ قوله : (إنّها أحوال بها يطابق اللّفظ لمقتضى الحال) مع أنّ مقتضى الحال عين تلك الأحوال ، فلا يصحّ قول المصنّف أعني «أحوال اللّفظ العربي الّتي بها يطابق اللّفظ مقتضى الحال» لكون هذا الكلام مستلزما لاتّحاد سبّب المطابقة مع المطابق وهو باطل.
والجواب : إنّ أرباب الفنّ قد تسامحوا في إطلاق مقتضى الحال على نفس الأحوال المذكورة ، وهذا الإطلاق إنّما هو من باب إطلاق اسم المسبّب على السّبب قصدا للمبالغة ، بمعنى أنّ الأحوال بلغت في سببيّتها لتحقّق مقتضى الحال على حدّ يصحّ أن تسمّى بمقتضى الحال ، وإلّا فمقتضى الحال في التّحقيق هو كلام مؤكّد أو كلام يذكر فيه المسند إليه أو يحذف وهكذا ، وهذا ما أشار إليه بقوله : «ومقتضى الحال في التّحقيق هو الكلام الكلّي المتكيّف بكيفيّة مخصوصة» كالتّأكيد والتّجريد والتّعريف والتّنكير ونحوها من الأحوال «لا نفس الكيفيّات ...» أي ليس مقتضى الحال في الحقيقة نفس الكيفيّات كي يلزم الاتّحاد المذكور.
(٣) أي ظاهر عبارة المفتاح وغيره أنّ مقتضى الحال نفس الكيفيّات.