والتّرصيع (١) ونحوهما (٢) ممّا (٣) يكون بعد رعاية المطابقة ، والمراد (٤) أنّه علم تعرف به هذه الأحوال من حيث إنّها يطابق بها اللّفظ لمقتضى الحال لظهور أنّ ليس علم المعاني عبارة عن تصوّر معاني التّعريف والتّنكير والتّقديم والتّأخير والإثبات والحذف وغير ذلك (٥) ، وبهذا (٦) يخرج عن التّعريف علم البيان إذ ليس البحث فيه عن أحوال اللّفظ من هذه الحيثيّة ، والمراد بأحوال اللّفظ الأمور العارضة له
______________________________________________________
(١) التّرصيع : قسم من السّجع ، وقد عرّفوه بتوافق الفاصلتين من النّثر على حرف واحد كقوله تعالى : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ١٣ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً)(١) ثمّ للتّرصيع أقسام تركناها رعاية للاختصار المطلوب.
(٢) أي كالاقتباس والتّضمين ، كما يأتي التّفصيل في علم البديع.
(٣) بيان ل «نحوهما».
(٤) جواب لسؤال مقدّر ، وتقديره : إنّ المتبادر من قول المصنّف في تعريف علم المعاني حيث قال : «تعرف به أحوال اللّفظ العربي» هو أنّ المراد من المعرفة أعمّ من التّصوّر والتّصديق فحينئذ تصوّر أحوال اللّفظ كالتّعريف والتّنكير والتّجريد والتّقديم والتّأخير وغيرها ، كعلم البيان يدخل في علم المعاني ، لأنّ علم البيان : علم يعرف به الحقيقة عن المجاز والكناية ، وهي أحوال اللّفظ وقد يطابق بها مقتضى الحال ، مع أنّ تصوّر الأمور المذكورة كعلم البيان ليس من علم المعاني.
وحاصل الجواب : إنّ المراد بعلم المعاني معرفة هذه الأحوال ، ولكن لا مطلقا بل من حيث إنّها يطابق بها اللّفظ لمقتضى الحال.
(٥) من الأحوال الّتي بها يطابق اللّفظ لمقتضى الحال.
(٦) أي باعتبار قيد الحيثيّة يخرج علم البيان عن تعريف علم المعاني فيندفع ما نسب إلى صدر الشّريعة في بعض تصانيفه من أنّ علم البيان داخل في هذا التّعريف ، لأنّ مطابقة مقتضى الحال أعمّ من أن يكون في خواصّ التّركيب أو في الدّلالة ، والثّاني مستفاد من علم البيان لا من علم المعاني ، لأنّ لبحث عن الدّلالة في علم البيان ليس من حيث مطابقة اللّفظ لمقتضى الحال ، كما أشار إليه الشّارح بقوله : «إذ ليس البحث فيه عن أحوال
__________________
(١) سورة نوح : ١٣.