والمراد بالاعتقاد (١) الحكم الذّهنيّ الجازم أو الرّاجح ، فيعمّ العلم والظّنّ وهذا (٢) يشكل بخبر الشّاكّ لعدم الاعتقاد فيه (٣) فيلزم الواسطة ولا يتحقّق الانحصار اللهمّ (٤)
______________________________________________________
(١) أي المراد بالاعتقاد هو مطلق الرجحان الشّامل لليقين والجهل المركّب والتّقليد والظّنّ. ولمّا كان الاعتقاد عند الأصوليّين مقابلا للعلم والظّنّ ، فإنّ الاعتقاد عندهم هو الإدراك الجازم لا لدليل ، والعلم هو الإدراك الجازم الحاصل من الدّليل ، والظّنّ هو الإدراك الغير الجازم ، بيّن أنّ المراد به هنا ليس ما هو المصطلح عند الأصوليّين ، بل المراد به هنا هو مطلق الرّجحان.
فالخبر المطابق لاعتقاد المخبر صادق عند النّظّام سواء كان هذا الاعتقاد يقينا أو تقليدا ـ وهو الحكم الجازم الّذي يقبل التّشكيك ـ أو جهلا مركّبا أو ظنّا.
والخبر الموهوم والمشكوك وما لا يطابق اعتقاد المتكلّم كاذب ، غاية الأمر كذب الأوّلين لعدم الاعتقاد ، وكذب الثّالث لعدم مطابقة الخبر للاعتقاد. إلّا أن يقال بأنّ خبر الشّاك لا يكون كاذبا كما لا يكون صادقا ، فتلزم الواسطة ولا يتحقّق الانحصار ، أي انحصار الخبر في الصّدق والكذب ، وقد أشار إلى الإشكال بقوله : «وهذا يشكل».
(٢) أي تفسير الصّدق والكذب عند النّظّام يشكل بخبر الشّاكّ لعدم الاعتقاد فيه ، فتلزم الواسطة إذ لا
يصدق على خبر الشّاكّ أنّه مطابق للاعتقاد كي يكون صادقا ، أو أنّه غير مطابق له كي يكون كاذبا وذلك لعدم الاعتقاد.
(٣) أي في خبر الشّاكّ.
(٤) وقد جرت العادة باستعمال هذا اللّفظ فيما في ثبوته ضعف ، فكأنّه يستعان في إثباته بالله تعالى ، ووجه الضّعف ههنا أنّه خلاف المتبادر ، وأنّه يوهم وجود الاعتقاد في المشكوك وجريان الكذب في الإنشاءات ، وهما على خلاف الإجماع.
قال المرحوم الشّيخ موسى البامياني رحمهالله في كتابه (المفصّل في شرح المطوّل) ما هذا لفظه : ووجه الضّعف في المقام أمران : الأوّل : إنّ الالتزام بأنّ قوله : «وكذب الخبر عدم مطابقته لاعتقاد المخبر» يكون شاملا لفرضين :
الأوّل : أن يكون للمتكلّم اعتقاد ، ولم يكن الخبر مطابقا له على نحو مفاد القضيّة السّالبة بانتفاء المحمول.