إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)(١) (١) فإنّه تعالى جعلهم كاذبين في قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) لعدم مطابقته لاعتقادهم وإن كان مطابقا للواقع (٢) [وردّ] هذا الاستدلال (٣) [بأنّ المعنى لكاذبون في الشّهادة] وفي ادّعائهم المواطأة (٤) ،
______________________________________________________
(١) يعني استدلّ النّظّام على ما ذهب إليه من أنّ صدق الخبر مطابقته للاعتقاد وكذبه عدمها بقوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ). وتقريب الاستدلال : إنّ الله تعالى وصف المنافقين بأنّهم كاذبون في قولهم للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) لعدم مطابقة قولهم لاعتقادهم حيث إنّهم كانوا معتقدين بعدم رسالته صلىاللهعليهوآلهوسلم فهذا التّوصيف مبنيّ على ما ذهب إليه النّظّام من أنّ الكذب عبارة عن عدم المطابقة للاعتقاد ، وإن كان مطابقا للواقع ، كما في الآية المباركة حيث إنّ ثبوت الرّسالة للنّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مطابق للواقع.
(٢) أي وإن كان قولهم (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) مطابقا للواقع.
(٣) حاصل ما ذكره المصنّف ردّا لاستدلال النّظّام بالآية المذكورة يرجع إلى أمرين :
تقرير الأوّل : إنّ قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) ليس منصبّا على قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) كي يقال إنّهم كاذبون لعدم مطابقة قولهم اعتقادهم ، بل إمّا منصبّ على الخبر المستفاد من قولهم : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ،) لأنّ الشّهادة عبارة عن الإقرار الّذي يوافق به اللّسان القلب ، فالخبر المستفاد من قولهم : (نَشْهَدُ) هو ادّعاؤهم المواطأة أعني مطابقة القلب واللّسان مع عدم المطابقة في الواقع.
أو على إطلاقهم الشّهادة على قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) وتسميّتهم قولهم هذا بالشّهادة بمعنى أنّ قولهم : إنّ قولنا هذا مسمّى الشّهادة كاذب لكونه غير مطابق للواقع لما عرفت من أنّ الشّهادة عبارة عن مطابقة القلب واللّسان.
فالمتحصّل هو منع رجوع التّكذيب إلى المشهود به هذا ما أشار إليه بقوله : «بأنّ المعنى لكاذبون في الشّهادة» أو «في تسميتها».
(٤) أي مطابقة القلب واللّسان.
__________________
(١) سورة (المنافقون) : ١.