مدلول قولنا : زيد قائم ، ومفهومه أنّ القيام ثابت لزيد وعدم ثبوته له احتمال عقليّ (١) لا مدلول ولا مفهوم للّفظ ولا مفهومه (٢) ، فليفهم (٣). [ويسمّى الأوّل (٤)] أي الحكم (٥) الّذي يقصد بالخبر إفادته [فائدة الخبر والثّاني] أي كون المخبر عالما به [لازمها] أي لازم فائدة الخبر (٦) ، لأنّه كلّما أفاد الحكم أفاد أنّه عالم به ، وليس كلّما أفاد أنّه عالم بالحكم أفاد نفس الحكم ، لجواز أن يكون الحكم معلوما قبل الإخبار ، كما في قولنا لمن حفظ التّوراة : قد حفظت التّوراة
______________________________________________________
(١) نشأ من كون دلالة الخبر وضعيّة يجوز فيها التّخلّف.
(٢) ولا شكّ أنّك إذا سمعت خرج زيد ، تفهم منه أنّه خرج ، وأمّا عدم الخروج فاحتمال عقليّ مرجوح لا أنّه مدلول اللّفظ أو مفهومه.
(٣) لعلّه إشارة إلى ما ذهب إليه بعض المحقّقين من أنّ جميع الأخبار من حيث اللّفظ لا يدلّ إلّا على الصّدق ، وأمّا الكذب فليس بمدلوله بل هو نقيضه ، وقولهم ـ إنّ الخبر ما يحتمل فيه الكذب ـ لا يريدون به أنّ الكذب هو مدلول لفظ الخبر كالصّدق بل المراد أنّه يحتمل من حيث أنّه لا يمتنع عقلا أن لا يكون مدلول اللّفظ ثابتا في الواقع.
(٤) أي الحكم من حيث إنّه ممّا يستفيده المخاطب من الخبر يسمّى فائدة الخبر ، لا من حيث إنّه ممّا يفيده المتكلّم المخاطب ، كما تشعر به عبارة الشّارح ، لأنّ الفائدة لغة : ما استفدته من علم ، أو مال ، فاللّائق بوجه تسميّة الحكم فائدة الخبر كونه مستفادا لا كونه مفادا ، ثمّ التّعبير بلفظ التّسمية إشارة إلى أنّه اصطلاح لأهل الفنّ ، ولا مشاحّة في الاصطلاح ، فلا يرد عليه أنّ فائدة الشّيء ما يترتّب عليه ، والمترتّب على الخبر علم المخاطب بالحكم لا نفس الحكم.
(٥) أي تفسير الأوّل ـ بالحكم الّذي يقصد بالخبر إفادته ـ إشارة إلى أمرين :
الأوّل : إنّ المراد بالأوّل هو نفس الحكم لا إفادته.
الثّاني : أنّ وجه تسميتهم الحكم بالفائدة كونه شيئا يقصد بالخبر إفادته فيصدق عليه الأخذ ، لأنّ الفائدة في اللّغة ما يكون قابلا للإعطاء والأخذ.
(٦) هذا اللّازم لازم أعمّ ، فالنّسبة بين فائدة الخبر ولازمها هي عموم مطلقا ، ولازم الفائدة أعمّ ، ومادّة الاجتماع ما أشار إليه الشّارح بقوله : «لأنّه كلّما أفاد الحكم أفاد أنّه