وكونه مقصودا للمخبر بخبره (١) لا يستلزم تحقّقه في الواقع وهذا (٢) مراد من قال : إنّ الخبر لا يدلّ على ثبوت المعنى أو انتفائه على سبيل القطع وإلّا (٣) فلا يخفى أنّ
______________________________________________________
وسادسة : على الإذعان بها.
وسابعة : على المحكوم به.
ولا ريب في أنّه ليس المراد بالحكم المحكوم به ، ولا النّسبة الذّهنيّة تصديقيّة كانت أو تصوّريّة أو كلاميّة ، وإنّما الكلام في أنّ المراد به الإذعان أو الإدراك أو الوقوع واللّا وقوع ، والشّارح يدّعي أنّه ليس المراد به الإذعان والإدراك أيضا لحكم الوجدان بأنّ المتكلّم لا يقصد بخبره أنّه أدرك الوقوع أو اللّا وقوع أو أذعن بأحدهما ، بل المراد به النّسبة الخارجيّة ، أي الوقوع واللّا وقوع ، لأنّ المتكلّم يقصد بخبره إفادة ثبوت شيء لشيء في الخارج ، ولا يقصد إفادة إدراكنا ثبوت شيء لشيء أو إذعاننا به جزما أو ظنّا ، وهذا ظاهر بالوجدان ، ولا حاجة إلى البرهان كما في المفصّل في شرح المطوّل مع تلخيص منّا.
(١) جواب عن سؤال مقدّر ، تقديره : أن يقال : إنّه إذا كان المراد بالحكم ههنا وقوع النّسبة أو لا وقوعها ، فلا يكون محتملا للصّدق والكذب ، بل محتملا لأحدهما وهو الصّدق إذ قصد المتكلّم بخبره إفادة وقوع النّسبة يستلزم تحقّقه في الواقع.
والجواب : أنّ كون الحكم بمعنى وقوع النّسبة أو لا وقوعها مقصودا للمخبر بخبره ، لا يستلزم تحقّقه في الواقع ، لأنّ دلالة الألفاظ على معانيها وضعيّة ، فيجوز تخلّفها وليست عقليّة ، كدلالة الأثر على المؤثّر ، كي لا يجوز التّخلّف.
وبعبارة واضحة أنّه ليست دلالة الألفاظ على معانيها عقليّة تقتضي استلزام الدّليل للمدلول استلزاما عقليّا يستحيل فيه التّخلّف.
(٢) أي عدم الاستلزام يعني ليس مراد من قال بعدم دلالة الخبر على ثبوت الحكم وانتفائه نفي الدّلالة رأسا ، بل مراده أنّه لا يستلزم تحقّقه وثبوته في الواقع لجواز كون الخبر كذبا.
(٣) أي وإن لم يكن هذا مراده كان كلامه باطلا إذ لا يخفى على أحد أنّ مدلول قولنا : زيد قائم بالوضع ، ومفهومه أنّ القيام ثابت لزيد ، وأمّا عدم ثبوته له في الواقع ، فلأنّ دلالة الخبر على المدلول وضعيّة ، يجوز فيها تخلّف المدلول عن الدّالّ.