تلويحا ما (١) ، ويشعر بأنّه قد حقّ عليهم (٢) العذاب ، فصار المقام مقام أن يتردّد المخاطب (٣) في أنّهم (٤) هل صاروا محكوما عليهم بالإغراق أم لا؟ فقيل : (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) مؤكّدا (٥) أي محكوما عليهم بالإغراق (٦) ، [و] يجعل [غير المنكر (٧)
______________________________________________________
والإشارة إلى جنسه بقوله تعالى : (وَلا تُخاطِبْنِي) ظاهرة.
(١) أي تلويحا إشارة إلى جنس الخبر ، كما عرفت.
(٢) أي يشعر بأنّ شأن قد ثبت على قوم نوح العذاب.
(٣) أي نوح ، فإنّه كان متردّدا بالنّظر إلى الملوّح ، لا أنّه صار متردّدا بالفعل حتّى يرد أنّه على هذا ليس قوله تعالى ، على خلاف مقتضى الظّاهر.
وبعبارة أخرى إنّ المخاطب يتردّد في مقتضى الحال وإن لم يتردّد في مقتضى الظّاهر فبسبب كون المقام مقام أن يتردّد المخاطب وجد في هذا المثال مقتضى الحال ، وبسبب كون المخاطب غير متردّد في مقتضى الظّاهر لم يوجد في هذا المثال مقتضى الظّاهر.
(٤) الظّرف متعلّق بالتّردّد ، أي يتردّد في أنّ قومه هل صاروا مقدّرا عليهم الغرق أم لا؟ بل صاروا مقدّرا عليهم غير الغرق من أنواع العذاب كالخسف والحرق ونحوهما.
(٥) أي مؤكّدا ب «إنّ» حيث قيل : (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) فهذا الكلام أخرج على خلاف مقتضى الظّاهر ، لأنّ مقتضاه أن لا يؤكّد ب «إنّ» لأنّ المخاطب غير سائل عن غرقهم ، ولا طالب له.
(٦) التّفسير إشارة إلى أنّهم محكوم عليهم بالإغراق ، لا أنّهم مغرقون بالفعل ، لأنّ إغراقهم لم يكن حاصلا وقت خطاب نوح ، ونهيه عن الدّعاء والشّفاعة لهم.
(٧) يراد به أعمّ من خاليّ الذّهن والعالم بالحكم والسّائل المتردّد فيه ، لأنّ ظهور شيء من أمارات الإنكار لا يختصّ بأحد منهم ، بل مشترك بين الجميع ، ثمّ إنّ فائدة التّنزيل في خصوص تنزيل السّائل منزلة المنكر وجوب زيادة التّأكيد ، فلا يرد عليه ما يمكن أن يقال : من أنّه لا أثر لتنزيل السّائل منزلة المنكر ، حيث إنّ مقتضى الظّاهر هو التّأكيد في كلّ منهما.