لا يعرف حاله وهو يخفيها منه خلق الله الأفعال كلّها ، وهذا المثال متروك في المتن (١) [و] الرّابع ما لا يطابق الواقع ولا الاعتقاد [نحو قولك : جاء زيد وأنت] أي والحال أنّك خاصّة (٢) [تعلم أنّه لم يجئ] دون المخاطب (٣) ، إذ لو علمه (٤) المخاطب أيضا (٥) لما تعيّن كونه حقيقة ، لجواز أن يكون المتكلّم قد جعل علم السّامع (٦) بأنّه لم يجئ قرينة على أنّه لم يرد ظاهره ، فلا يكون الإسناد إلى ما هو له عند المتكلّم في الظّاهر (٧).
______________________________________________________
(١) أي غير مذكور لقلّة وجوده فلا يتوهّم من عدم ذكره أنّ الحقيقة العقليّة منحصرة في الأقسام الثّلاثة لكون المقام مقام البيان فإنّ المصنّف صرّح في الإيضاح بأنّ الحقيقة العقليّة أربعة أضرب ، ثمّ أورد الأمثلة الأربعة ، ثمّ المثال الثّالث مطابق للواقع عند الأشاعرة فقط ، وتركنا البحث حول كيفيّة الأفعال رعاية للاختصار ، ومن يريد التّفصيل فعليه بكتاب المفصّل في شرح المطوّل للمرحوم الشّيخ موسى البامياني.
(٢) أي هذا إشارة إلى أنّ تقديم المسند إليه للحصر والقصر كقولك : أنا سعيت في حاجتك.
(٣) أي الإسناد المذكور من الحقيقة العقليّة وإن لم يطابق واحدا منهما ، لأنّه إسناد إلى ما هو له عند المتكلّم بحسب ظاهر حاله ، ولا ينافي ذلك كونه كذبا فإنّ المناط فيه صدق التّعريف ، وقد رأيت صدقه عليه.
(٤) أي عدم المجيء.
(٥) أي كما علمه المتكلّم ، وحاصل الكلام : أنّه إذا قال المتكلّم : جاء زيد ، وهو يعلم بعدم مجيء زيد دون المخاطب ، كان حقيقة عقليّة لصدق تعريفها عليه ، وأمّا لو علمه المخاطب أيضا ، فلا يتعيّن كونه حقيقة عقليّة وذلك لاحتمال أن لا يريد المتكلّم ظاهر الكلام المذكور كي يكون حقيقة عقليّة ، بل أراد خلاف الظّاهر لقيام قرينة على ذلك وهي علم المخاطب بعدم المجيء.
(٦) أي المراد من السّامع هو المخاطب.
(٧) فلا يكون حقيقة عقليّة ، بل مجازا ، إلّا أن يقال : إنّ مجرّد علم المخاطب بأنّه لم يجئ لا يكون صالحا لأن يكون قرينة على أنّ الإسناد لا يكون إلى ما هو له ، بل لا بدّ من علمه بأنّ المتكلّم يعتقد أنّه لم يجئ حتّى يحمل كلامه على أنّه غير قاصد تفهيم