وعند الحذف على دلالة العقل وهو (١) أقوى لافتقار اللّفظ إليه (٢) وإنّما قال تخييل (٣) ، لأنّ الدّالّ حقيقة عند الحذف أيضا هو اللّفظ المدلول عليه بالقرائن [كقوله : قال لي : * كيف أنت؟ قلت عليل (٤) *] ولم يقل أنا عليل للاحتراز والتّخييل (٥) المذكورين (٦)
______________________________________________________
(١) أي الدّلالة بالعقل أقوى من الدّلالة باللّفظ ، لأنّ اللّفظ أبدا مفتقر في دلالته إلى العقل ، والعقل قد لا يفتقر إلى اللّفظ ، وغير المفتقر أقوى من المفتقر ، لأنّ المفتقر فرع المفتقر إليه.
(٢) أي العقل.
(٣) جواب عن سؤال : وهو أنّه لم زاد المصنّف لفظ «تخييل» ولم يقل : أو العدول.
وحاصل الجواب : أنّه إنّما زاد لفظ «تخييل» لأنّ العدول ليس محقّقا ، بل أمر تخييليّ متوهّم ، لأنّ العدول الواقعيّ يتوقّف على كون كلّ من العقل واللّفظ مستقلا في الدّلالة وليس الأمر كذلك ، لأنّ الدّالّ عند الحذف مجموع العقل واللّفظ لا العقل فقط ، بل الدّالّ حقيقة هو اللّفظ المدلول عليه بالقرائن ، أي بواسطة العقل ، فكلّ من اللّفظ والعقل غير غنيّ عن الآخر.
(٤) البيت كان هكذا :
قال لي : كيف أنت؟ قلت : عليل |
|
سهر دائم وحزن طويل |
أي حالي سهر دائم ، ولم يعلم قائله ، (العليل) بالعين المهملة كفعيل ، من تقبّض جلده من مرض ، السّهر : وهو بالسّين المهملة كفرس مصدر سهر فلان كفرح ، أي لم ينمّ ليلا ، الدّائم : فاعل من الدّوام ، الحزن : الهمّ ، الطّويل : بمعنى الكثير.
ومحلّ الشّاهد : قوله : «عليل» حيث حذف فيه المسند إليه للاحتراز عن العبث وتخييل العدول إلى أقوى الدّليلين.
(٥) لم يقل : أو التّخييل ليكون إشارة إلى أنّ «أو» في قول المصنّف «أو تخييل» مانعة خلوّ ، فيجوز الجمع بين الاحتراز عن العبث والتّخييل.
(٦) أي في المتن.