من دعائم كلّ بيت (١) ، ففي قوله (٢) : إنّ الّذي سمك السّماء ، إيماء إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه (٣) أمر من جنس الرّفعة والبناء عند من له ذوق سليم ثمّ فيه (٤) تعريض بتعظيم بناء بيته لكونه (٥) فعل من رفع السّماء الّتي لا بناء أعظم منها وأرفع (٦)
______________________________________________________
بالبيت في قول الفرزدق : «بيتا» هو الكعبة على قول القطب ، وبيت المقدس على قول ، وبيت الشّرف والمجد على قول الزّوزني ، والظّاهر إنّ المراد به هو بيت الشّرف والمجد ، وذلك لأنّ المستفاد من القصيدة الّتي هذا البيت فيها أنّ الفرزدق كان في مقام الافتخار على جرير ، بأنّ آباءه أماجد وأشراف حيث إنّهم من قريش بخلاف آباء جرير ، فإنّهم كانوا من أراذل بني تميم ، فعليه نفس القصيدة آبية عن حمل البيت على الكعبة ، فالمتعيّن حمله على بيت الشّرف والمجد ، على أنّه لا وجه لافتخار الفرزدق على جرير بالكعبة فإنّها مشتركة بين جميع المسلمين ، وكان جرير مسلما ، وكذلك سائر بني تميم ، ثمّ المراد ب «دعائمه» الرّجال الّذين كانوا في القريش بناء على كون المراد بالبيت بيت الشّرف وعواميد الكعبة المعظّمة بناء على أنّها المراد به.
(١) حذف المفضّل عليه ، إذ لم يرد الشّاعر أن يثبت لهم بيوتا عزيزة طويلة ، وهذا أعزّ منها احتقارا لهم ، لأنّهم لم يسبق منهم دعوى ذلك.
(٢) أي الفرزدق.
(٣) أي الموصول ، وحاصل الكلام : إنّ في قوله : «إنّ الّذي سمك السّماء» إيماء إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه شيء من جنس الرّفعة والبناء بخلاف ما إذا قيل : إنّ الله تعالى سمك السّماء.
(٤) أي في ذلك الإيماء بواسطة الصّلة «تعريض» أي إشارة خفيّة «بتعظيم بيته» أي الفرزدق.
(٥) أي بناء بيته «فعل من رفع السّماء الّتي لا بناء أعظم منها وأرفع منها».
(٦) في مرأى العين ، فلا يرد أنّ العرش أعظم منها.
لا يقال : إنّما الموجود في قول الشّاعر : التّعريض بتعظيم البيت ، وهو مفعول ، لا بتعظيم البناء الّذي هو الخبر.