ولا يلزم (١) أن يكون الثّاني أوضح لجواز أن يحصل الإيضاح من اجتماعهما ، وقد يكون عطف البيان بغير اسم مختصّ به كقوله :
والمؤمن العائذات الطّير يمسحها |
|
ركبان مكّة بين الغيل والسّند (٢) |
فإنّ الطّير عطف بيان للعائذات مع أنّه ليس اسما مختصّا بها.
______________________________________________________
والثّالث : إنّ فائدة عطف البيان تنحصر في الإيضاح.
(١) شروع من الشّارح في الإشارة إلى اعتراضات ثلاثة على المصنّف في قوله : «فلإيضاحه».
وحاصل الاعتراض الأوّل : إنّ المستفاد من قوله : «فلإيضاحه باسم مختص به» اشتراط أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه ، إذ لو لم يكن كذلك لا يمكن أن يصير سببا مستقلا للإيضاح ، وليس الأمر كذلك لصحّة أن يكون كلّ من عطف البيان ومتبوعه مجملا عند ذكر أحدهما منفردا عن الآخر ، لكن حصل الإيضاح ورفع الإجمال من اجتماعها ، كما إذا كان للمخاطب في المثال صديقان كان أحدهما مسمّى بخالد ، وهو اسم لغيره أيضا ، فإذا يحصل الإيضاح من اجتماعهما ، وإن لم يكن الثّاني أوضح من الأوّل ، وقد أشار إلى هذا بقوله : «لجواز أن يحصل الإيضاح من اجتماعهما».
والاعتراض على الأمر الثّاني : ما أشار إليه بقوله : «وقد يكون عطف البيان بغير اسم مختصّ به» وحاصله إنّ المستفاد من كلام المصنّف اشتراط أن يكون عطف البيان اسما مختصّا بالمتبوع بأن يكون علما له ، لأنّ الاسم المختصّ بشيء إنّما هو العلم ، وليس الأمر كذلك ، فإنّهم قد ذكروا أنّ الطّير في قوله : «والمؤمن العائذات الطّير» عطف بيان للعائذات ، و «العائذات» جمع عائذة من العوذ بمعنى الالتجاء يعني بها الجماعة ، وهي مفعول «المؤمن».
(٢) ملخّص شرح مفردات قول النّابغة الذّبياني ، إنّ قوله : «المؤمن» من أسماء الله تعالى ، وهو اسم فاعل من باب الإفعال من الأمن بمعنى السّلامة ، «العائذات» جمع عائذة من العوذ بمعنى الالتجاء ، «يمسحها» مضارع من المسح بمعنى المسّ باليد ، أي يمسّها ، «ركبان» كغفران جمع ركب ، وهم أصحاب الإبل في السّفر «الغيل» اسم موضع في جانب الحرم ، وقيل : إنّه عين ماء تجري في أسفل جبل أبي قبيس «السّند» اسم موضع ، وقيل إنّ المراد