فإن قلت : في هذه الثّلاثة (١) أيضا تفصيل للمسند إليه ، فلم لم يقل : أو لتفصيلهما معا (٢)؟ قلت : فرق بين أن يكون الشّيء (٣) حاصلا من شيء (٤) ، وبين أن يكون الشّيء مقصودا منه ، وتفصيل المسند إليه في هذه الثّلاثة وإن كان حاصلا لكن ليس العطف بهذه الثّلاثة لأجله (٥) ، لأنّ الكلام إذا اشتمل على قيد زائد (٦) على مجرّد الإثبات (٧) أو النّفي (٨) فهو الغرض الخاصّ ، والمقصود (٩) من الكلام ،
______________________________________________________
حيث يشترط فيها التّرتيب الخارجي. نعم ، ينبغي في حتّى التّرتيب الذّهني كما عرفت.
(١) أي الفاء وثمّ وحتّى ، تفصيل للمسند إليه أيضا ، أي كما أنّ فيها تفصيل للمسند.
(٢) أي لتفصيل المسند إليه والمسند معا ، فلا وجه لتخصيصه العطف بهذه الثّلاثة بالمسند.
(٣) أي تفصيل المسند إليه.
(٤) أي من العطف ، فالمراد من الشّيء الأوّل تفصيل المسند إليه ، ومن الشّيء الثّاني العطف بإحدى هذه الحروف. فمعنى العبارة : فرق عظيم بين أن يكون تفصيل المسند إليه حاصلا من العطف من غير قصد ، أي يحصل منه تبعا وضمنا «وبين أن يكون الشّيء مقصودا منه» أي العطف كتفصيل المسند.
(٥) أي لأجل المسند إليه ، بل لأجل حصول تفصيل المسند ، فحاصل ما يظهر من الشّارح أنّ المقصود في هذه الثّلاثة هو تفصيل المسند ، فلا ينافي حصول تفصيل المسند إليه من غير قصد ، أو قصده للتّوسّل.
(٦) المراد بالقيد هنا التّرتيب بين المجيئين مثلا بمهلة أو لا.
(٧) في نحو : جاءني زيد.
(٨) في نحو : ما جاءني زيد.
(٩) عطف تفسيريّ على «الغرض الخاصّ» ، ومعنى ذلك أنّ الإثبات والنّفي ينصبّ ويتوجّه على ذلك القيد ، قال الشّيخ عبد القاهر في دلائل الإعجاز أنّ النّفي إذا دخل على كلام فيه تقييد بوجه ما توجّه إلى ذلك القيد ، وكذا الإثبات ، يعني أنّ الإثبات إذا دخل على كلام فيه تقييد بوجه ما توجّه إلى ذلك القيد ، فمعنى جاءني زيد فعمرو ، حصول مجيء عمرو بعد مجيء زيد بلا مهلة.