مع اختصار واحترز بقوله : كذلك ، عن نحو : جاءني زيد وعمرو بعده بيوم أو سنة (١) ، [نحو : جاءني زيد فعمرو أو ثمّ عمرو ، أو جاءني القوم حتّى خالد] فالثّلاثة تشترك في تفصيل المسند إلّا أنّ الفاء تدلّ على التّعقيب من غير تراخ ، وثمّ على التّراخي ، وحتى على أنّ أجزاء ما قبلها مترتّبة في الذّهن من الأضعف إلى الأقوى (٢) ، أو بالعكس (٣) ، فمعنى تفصيل المسند فيها (٤) أن يعتبر تعلّقه (٥) بالمتبوع أوّلا وبالتّابع ثانيا من حيث إنّه (٦) أقوى أجزاء المتبوع أو أضعفها ولا يشترط فيها (٧) التّرتيب الخارجيّ.
______________________________________________________
(١) إذ ليس فيه باعتبار تفصيل المسند اختصار ، وإن كان فيه تفصيل المسند إليه مع اختصار. وبعبارة أخرى : إنّ العطف فيه وإن كان مفيدا لتفصيل المسند إليه مع اختصار بحذف العامل الّذي قام العطف مقامه إلّا أنّه لا يفيد تفصيل المسند بل تفصيله وتعدّده بحسب الوقوع في الأزمنة ، فإنّما استفيد من التّقييد بالظّرف لا من العطف ، فصحّ الاحتراز عنه.
(٢) نحو : مات النّاس حتّى الأنبياء.
(٣) نحو : قدم الحجّاج حتّى المشاة.
وتوضيح ذلك أنّ الفاء وثمّ وحتّى تشترك وتجتمع في تفصيل المسند ، وتفترق باختصاص الفاء بالتّعقيب ، أي تعقيب التّابع على المتبوع بلا مهلة ، وثمّ بالتّراخي ، وحتّى بالغاية والتّدريج ، ثمّ إنّ التّعرّض للأجزاء في حتّى إنّما هو للتّمثيل لا الحصر ، إذ المعتبر في حتّى كما صرّح به في المغني وغيره أن يكون معطوفها بعضا من جمع قبلها كقدم الحجّاج حتّى المشاة أو جزء من كلّ ، نحو : أكلت السّمكة حتّى رأسها ، أو كالجزء نحو : أعجبتني الجارية حتّى حديثها ، أو المراد من الأجزاء ما يشمل الأجزاء الحقيقيّة والتّنزيليّة والأبعاض.
(٤) أي في حتّى ، وملخّص الكلام أن يلاحظ الذّهن تعلّق الحكم أعني القدوم بالحجّاج واحدا بعد واحد مبتدأ من الرّكبان إلى المشاة ، وكذا الموت في المثال الأوّل.
(٥) أي تعلّق الحكم.
(٦) أي التّابع «أقوى أجزاء المتبوع» كما في نحو : مات النّاس حتّى الأنبياء «أو أضعفها» ، كما في نحو : قدم الحجّاج حتّى المشاة.
(٧) أي في كلمة حتّى ، أي لا يشترط فيها التّرتيب الخارجي ، بخلاف الفاء وثمّ ،