فلزم ارتكاب هذا الوجه البعيد (١) في المنكّر دون المعرّف.
فإن قيل (٢) : فيلزمه إبراز الضّمير في مثل جاءاني رجلان ، وجاؤوني رجال ، والاستعمال بخلافه.
______________________________________________________
(١) وهو جعله من باب (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) بأن يجعل الضّمير فاعل الفعل ، ثمّ إبدال الظّاهر منه.
(٢) حاصل السّؤال أنّه على القول بالإبدال «فيلزمه» أي السّكّاكي «إبراز الضّمير» أي يلزم من جعل أصل رجل جاءني ، جاءني رجل ، على أنّ رجل ليس بفاعل ، بل هو بدل من الضّمير ، ووجوب إبراز الضّمير واطّراده في مثل جاءاني رجلان ، وجاؤوني رجال ، على أنّ رجلان ورجال يدلّان من الضّميرين البارزين قياسا على المفرد مع أنّ الاستعمال «بخلافه» أي بخلاف إبراز الضّمير.
وحاصل الجواب :
منع الملازمة بين كون رجل في نحو : جاءني رجل مؤخّرا في الأصل على أنّه بدل من الضّمير المستتر وبين كون رجل في نحو : جاءني رجل بدلا أيضا من الضّمير المستتر في جاءني ، وملخّصه أنّه ليس المراد أنّ المرفوع في قولك : جاءني رجل ، بدل لا فاعل حتّى يلزمه وجوب الإبراز في جاءاني رجلان ، وجاؤوني رجال ، وجعل رجلان ورجال بدلين ، بل مراده أنّه يقدّر في قولك : رجل جاءني أنّ الأصل جاءني رجل ، على أنّ رجل بدل لا فاعل ، ولا يلزم من تقدير ذلك في رجل جاءني ، القول بالبدليّة بالفعل في جاءني رجل الّذي أخّر فيه المنكّر لفظا ومعنى حتّى يلزم القول بالبدليّة بالفعل ووجوب الإبراز في جاءاني رجلان ، وجاؤوني رجال أيضا ، فالّذي قاله السّكّاكي : أنّه في صورة تقديم المنكّر يقدّر المنكّر مؤخّرا في الأصل وأنّه فاعل معنى فقط بدل لفظا ، ففي مثل رجل جاءني ، يقدّر الأصل جاءني رجل ، على أنّ رجل بدل لا فاعل ، وفي رجلان جاءاني ، جاءاني رجلان ، وكذلك في رجال جاؤوني ، جاؤوني رجال ، على أنّ رجال بدل لا فاعل ، كلّ ذلك على سبيل التّقدير والاعتبار ولا يلزم من ذلك القول بالبدليّة بالفعل فيما أخّر فيه المنكّر لفظا ومعنى.