وامتناع (١) تقديم التّابع حال كونه تابعا ممّا أجمع عليه النّحاة إلّا في العطف في ضرورة الشّعر (٢) ، فمنع هذا (٣) مكابرة ، والقول (٤) بأنّ في حالة تقديم الفاعل ليجعل
______________________________________________________
(١) هذا ردّ لما يقال جوابا من جانب السّكّاكي ، وهو أنّ كون تجويز التّقديم في المعنوي دون الفاعل اللّفظيّ تحكّما ممنوع ، لأنّ التّابع يجوز تقديمه حال كونه تابعا ، بل واقع في قوله : (عليك ورحمة الله السّلام) فالمعطوف أعني قوله : ورحمة الله ، مقدّم على المتبوع ، أعني السّلام ، فيقاس عليه التّوكيد والبدل.
وحاصل ردّ الشّارح : إنّ النّحاة أجمعوا على امتناع تقديم التّابع ما دام تابعا في حال الاختيار ، وفي القول المذكور وقع لضرورة الشّعر ، وعلى هذا فمنع امتناع تقديم التّابع ما دام تابعا مكابرة.
(٢) كما في قوله : عليك ورحمة الله السّلام.
(٣) أي فمنع امتناع تقديم التّابع ما دام تابعا مكابرة.
(٤) هذا جواب وردّ آخر على من أجاب من جانب السّكّاكي ، فلا بدّ أوّلا من تقريب الجواب عن جانب السّكّاكي كي يتّضح الرّدّ ، فنقول : إنّ حاصل جواب البعض هو أنّ قولكم : بأنّ تجويز التّقديم في الفاعل المعنويّ دون اللّفظي تحكّم ممنوع ، فإنّه ليس بتحكّم ، وذلك للفرق بينهما ، لأنّ المعنويّ في الأصل تابع ، وتقديم التّابع ليجعل مبتدأ لا يلزم عليه محذور ، إذ غاية ما يلزم عليه خلوّ المتبوع عن التّابع ، ولا ضرر فيه ، ولذا قيل بجواز تقديمه ، بخلاف الفاعل اللّفظيّ ، فإنّ تقديمه ليجعل مبتدأ يلزم خلوّ الفعل من الفاعل وهو محال ، فنظرا إلى هذا الفرق بين الأمرين لا تحكّم في تجويز التّقديم في المعنوي دون اللّفظي.
وحاصل الرّدّ : إنّ القول بأنّ تقديم الفاعل ليجعل مبتدأ يستلزم محالا ، وهو خلوّ الفعل عن الفاعل «بخلاف الخلوّ عن التّابع» فإنّه ليس بمحال فاسد ، فقوله : «فاسد» خبر لقوله : «والقول بأنّ ...».
وجه الفساد : إنّ الخلوّ عن الفاعل في حالة التّقديم والتّحويل مجرّد اعتبار لا يلزم منه خلوّ الفعل عن الفاعل بحسب الواقع على أنّ في حالة التّقديم والتّحويل اعتبر في الفعل ضميره ، فلا يلزم خلوّ الفعل من الفاعل في حال من الحالات ، فلا فرق بين التّابع والفاعل في جواز الفسخ والتّقديم.