للجماعة المتقدّمة منها (١) من قدّم بمعنى تقدّم (٢) ، يقال مقدّمة العلم لما (٣) يتوقّف عليه الشّروع في مسائله
______________________________________________________
ما يذكر قبل الشّروع.
الخامس : إنّ لفظ المقدّمة منقول من اسم فاعل مشتقّ من قدّم المتعدي ، ولا ملزم لنا على أن نلتزم بكونه منقولا من اسم فاعل مشتقّ من قدّم بمعنى تقدّم ، لاستقامة المعنى وإن قلنا : بأنّ المشتقّ منه فعل متعدّ وذلك لأنّ هذه الطّائفة لاشتمالها على سبب التّقديم ، وهو الانتفاع بها في البصيرة قدّمت من يعرفها في فهم المطالب على من لم يعرفها ، لكون نسبة الأوّل إلى الثّاني كنسبة البصير إلى الأعمى.
ثمّ هذه الأقوال وإن كانت لا تخلو عن وجاهة إلّا أنّ الأوجه منها هو القول الخامس لكونه منبئا عن الاعتناء بشأن المقدّمة وزيادة المبالغة انتهى مع تصرّف ما.
(١) أي من الجيش وتأنيث الضّمير باعتبار تأويله بالطّائفة. والظّرف متعلّق بما هو خبر لمبتدأ محذوف والتّقدير لفظها ـ أي مقدّمة الجيش ـ موضوع عرفا للجماعة المتقدّمة من الجيش. ثمّ قوله : «مأخوذة» يمكن أن يكون بمعنى منقولة ، ويمكن أن يكون بمعنى مستعارة وإن كان الظّاهر هو الأوّل.
(٢) يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ المشتقّ منه هو قدّم اللّازم لا المتعدّي لأنّ المباحث المذكورة متقدّمة لا مقدّمة لشيء آخر.
(٣) أي يطلق لفظ مقدّمة العلم على ما يتوقّف عليه الشّروع في مسائل العلم كبيان الحدّ والموضوع والغاية ، فمقدّمة العلم اسم للمعاني المخصوصة وهي معرفة حدّ العلم ومعرفة غايته ومعرفة موضوعه وذكر الألفاظ لتوقّف الإنباء عليها لا أنّها مقصودة لذاتها ومن هنا نعلم أنّ النّسبة بين مقدّمة العلم ومقدّمة الكتاب هي المباينة الكلّيّة لأنّ مقدّمة الكتاب كما ستعرف اسم للألفاظ المخصوصة.
وكيف كان ، فالمهمّ بيان وجه توقّف الشّروع على مقدّمة العلم أعني هذه الأمور أي معرفة الحدّ والغاية والموضوع وقبل الخوض في المقصود نقول : إنّ المراد بالمعرفة الإدراك المطلق الجامع بين الإدراك التّصوّري والإدراك التّصديقي ، وذلك لأنّ ما يتوقّف عليه الشّروع عندهم تصوّر العلم بحدّه والتّصديق بأنّ هذا موضوعه ، وذاك غاية مترتّبة