ومقدّمة الكتاب (١) لطائفة من كلامه (٢) قدّمت أمام المقصود لارتباط له بها (٣) والانتفاع بها فيه (٤) وهي ههنا (٥) لبيان معنيي الفصاحة والبلاغة وانحصار (٦) علم البلاغة في علميّ المعاني والبيان
______________________________________________________
عليه ، فإنّ مجرّد تصوّر شيء من دون الإذعان بأنّ هذا موضوع هذا العلم وتصوّر غاية ما من دون الإذعان بأنّها فائدة مترتّبة على هذا العلم لا يوجبان جواز الشروع فيه.
أمّا وجه توقّف الشّروع على الأمور المذكورة ، فلأنّه لو لم يتصوّر أوّلا ذلك العلم للزم طلب ما هو المجهول وهو محال لامتناع توجّه النّفس نحو المجهول المطلق. وكذلك لو لم يعلم غاية العلم والغرض منه لكان طلب ذلك العلم عبثا ، فإنّ الشّروع فيه فعل اختياري فلا بدّ أوّلا من العلم بفائدة ذلك الفعل وإلّا لامتنع الشّروع فيه من ذي عقل وحكمة لكونه عبثا.
وأمّا توقّف الشّروع على معرفة الموضوع ، فلأنّ تمايز العلوم إنّما هو بتمايز الموضوعات فلو لم يعرف الشّارع في العلم والطّالب له أنّ موضوعه ما ذا؟ وأيّ شيء هو؟ لم يتميّز العلم المطلوب عنده عن غيره فكيف يطلب؟!
نعم يكفي في الشّروع العلم بتلك الأمور إجمالا لئلّا يلزم الدّور.
(١) عطف على مقدّمة العلم.
(٢) أي من كلام المصنّف ، فيكون منها طائفة من الألفاظ قدّمت أمام المقصود فقد ورد في مجمع البحرين الطّائفة من الشيء : القطعة منه ، وهذا المعنى مناسب للمقام ، فيكون معنى العبارة حينئذ : يقال مقدّمة الكتاب لقطعة من كلامه «قدّمت أمام المقصود» أي جعلت أمامه.
(٣) أي لارتباط للمقصود بالطّائفة.
(٤) أي الانتفاع بالطّائفة في المقصود. وعطف الانتفاع على الارتباط من قبيل عطف المسبّب على السّبب لكون الارتباط مسبّبا للانتفاع.
(٥) أي المقدّمة في كتاب التّلخيص.
(٦) عطف على معنى الفصاحة ، فالمعنى أنّ المقدّمة في التّلخيص لبيان معنى الفصاحة والبلاغة ولبيان انحصار علم البلاغة أي العلم المتعلّق بالبلاغة.