عجباً من سفاهة الشيخ ـ شرس الأخلاق ـ وضؤولة رأيه ، حيث لم يجد في الشيعة ما يزري بهم ، لكنّ عداءه المحتدم حداه إلى أن يتّخذ لهم عيباً منحوتاً من السفاسف ، فطفق يؤاخذهم بالاسم لمحض اطّراد حرف من حروفه في أشياء من أسماء الشرّ ، ولو اطّرد هذا لتسرّب إلى كثير من الأسماء المقدّسة ، وإلى كتاب الله العزيز وفيه قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (١). وآيٌ أخرى جاءت فيها لفظة الشيعة.
وأسخف من الشيخ أبو عثمان الذي يحسب أنَّه لم تثبت للشيعة بعد تلك الكلمة التافهة قائمة ، فكأنّ صاعقة أصابتهم ، أو أنّها خسفَت الأرض من تحت أرجلهم ، أو دكدكت عليهم الجبال فأهلكتهم ، أو أنّ برهاناً قاطعاً دحض حجّتهم ففضحهم ، ولم يعقل أنّ الشيخ كشف بقوله عن سوأته ، وأقام حجّةً على شراسة أخلاقه ، فاقتدى به أبو عثمان بعقليّته الضئيلة.
ولم يبعد عنهما ابن عبد ربّه حيث أورده في كتابه مرتضياً له ، ولِمَ لم يَرُق الشيخ الشرس أن يحبّ من الشيعة هذه الشين الموجودة في الشريعة ، والشمس ، والشروق ، والشعاع ، والشهد ، والشفاعة ، والشرف ، والشباب ، والشكر ، والشهامة ، والشأن ، والشجاعة ، والشفق؟ وقد جاءت غير واحدة من تلكم الألفاظ كلفظة الشيعة في القرآن.
وكيف تجد الشيخ في أكذوبته بأنّه لم يجد الشين إلاّ في تلك الألفاظ دون هذه؟ ولعلّه كان أعور فلا يبصر ما يحاذي عينه العوراء.
أوَليس في وسع الشيعي أن يقول على وتيرة الشيخ : إنّي ما أكره من السنِّي إلاّ هذه السين في أوّل اسمه التي أجدها في السام ، والسأم ، والسعر ، والسقر ، والسبي ، والسقم ، والسمّ ، والسموم ، والسوأة ، والسهم ، والسهو ، والسرطان ، والسرقة ، والسفه ، والسفل ، والسخب ، والسخط ، والسخف ، والسقط ، والسلّ ، والسليطة ، والسماجة.
لكنّ الشيعة عقلاء حكماء لا يعتمدون على التافهات ، ولا يخدشون العواطف
__________________
(١) الصافّات : ٨٣.