الجواب : هذه عقائد باطلة ، عزاها إلى رجالات الشيعة المقتصّين أثر أئمّتهم عليهمالسلام اقتصاص الظلِّ لذيه ، فلا يعتنقون عقيدة ، ولا ينشرون تعليماً ، ولا يبثّون حكماً ، ولا يرون رأياً إلاّ ومن ساداتهم الأئمّة على ذلك برهنة دامغة ، أو بيانٍ شافٍ ، أو فتوىً سديدة ، أو نظر ثاقب.
على أنَّ أحاديث هؤلاء كلّهم في العقائد والأحكام والمعارف الإلهيّة مبثوثة في كتب الشيعة ، تتداولها الأيدي ، وتشخص إليها الأبصار ، وتهشّ إليها الأفئدة ، فهي وما نسب إليهم من الأقاويل على طرفي نقيض ، وهاتيك كتبهم وآثارهم الخالدة لا ترتبط بشيء من هذه المقالات ، بل إنَّما هي تدحرها وتضادُّها بألسنة حداد.
وإطراء أئمّة الدين عليهمالسلام لهم بلغ حدَّ الاستفاضة ، ولو كانوا يعرفون من أحدهم شيئاً من تلكم النسب لشنّوا عليهم الغارات ، كلاءةً لمَلَئهم عن الاغترار بها ، كما فعلوا ذلك في أهل البدع والضلالات.
وهؤلاء علماء الرجال من الشيعة بسطوا القول في تراجمهم ، وهم بقول واحد ينزِّهونهم عن كلِّ شائنة معزوَّة إليهم ، وهم أعرف بالقوم من أضدادهم البعداء عنهم ، الجهلاء بهم وبترجمتهم ، غير مجتمعين معهم في حلّ أو مرتحل.
وليس في الشيعة منذ القدم حتى اليوم من يعترف أو يعرف بوجود هذه الفرق : هشامية ، زراريّة ، يونسيّة ، المنتمية عند الشهرستاني ونظرائه إليهم ككثير من الفرق التي ذكرها للشيعة ، وقد نفاها الشيخ العلاّمة أبو بكر بن العتايقي الحلّي في رسالة له في النحل الموجودة بخطّ يمينه ، وحكم سيّدنا الشريف المرتضى علم الهدى في الشافي (١) ، والسيّد العلاّمة المرتضى الرازي في تبصرة العوام (٢) ، بكذب ما عزوه إلى القوم جميعاً ، وأنَّها لا توجد إلاّ في كتب المخالفين لهم في المبدأ إهباطاً لمكانتهم عند الملأ ، لكنّ
__________________
(١) الشافي في الإمامة : ١ / ٨٣ ـ ٨٧.
(٢) تبصرة العوام : ص ٤٦ ـ ٥٤.