أوربا كالسيل الجارف لأصول الضلال ، وأهواء الغرب ، وما هناك من فساد الخلائق ، ومضلاّت البدع.
عزّ عليه أن يسمع بأذنيه من قلب العالم الأوربي بألسنة فلاسفتها نداء : أنّ محمداً قاوم الوثنيّة بعزم واحد طول الحياة ، ولم يتردّد لحظة واحدة بينها وبين عبادة الواحد الأحد (١).
أو أن يسمع عن آخر منهم وهو ينادي : إنّ القرآن هو القانون العام لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو صالحٌ لكلِّ مكان وزمان (٢).
أو أن يسمع عن ثالث من قومه ، وقد ملأ الدنيا صوته ، وهو يقول : استقرّت قواعد الإسلام على أساس مكين من الآيات البيِّنات التي أُنزلت تباعاً وكان ختامها : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٣).
أو أن يسمع بأذنيه القرآن العزيز وهو يُتلى في الإذاعات كلّ يوم بكرةً وعشيّا ، وتقرع آيه مسامع خلق الدنيا دون كتاب قومه وكتاب أيّ ملّة.
ونادى لسانُ الكونِ في الأرض رافعاً |
|
عقيرتَهُ في الخافقين ومنشدا |
أَعُبّادَ عيسى إنّ عيسى وحزبَهُ |
|
وموسى جميعاً يخدمونَ محمدا (٤) |
فهناك تعصّب الرجل وتشزّر ، وشزر إلى الإسلام وكتابه ونبيّه ، ونظر إليها بصدر عينه (٥) وتشذّر (٦) للدفاع عن نحلته ، والذبِّ عن مبدئه الباطل ؛ فعلا
__________________
(١) كلمة الكونت هنري دي كاستري. (المؤلف)
(٢) كلمة مسيو سنايس. (المؤلف)
(٣) كلمة الدكتور نجيب الأرمنازي. (المؤلف)
(٤) من أبيات للشاعر المفلق أبي الوفاء راجح الحلّي المتوفّى ٦٢٧. (المؤلف)
(٥) مثل مشهور يضرب. (المؤلف)
(٦) تشذّر : تشمّرَ وتهيّأ للحملة.