إذا ثبتت صحّة الحديث ، فأيُّ وزن يُقام للمناقشة فيه بأوهام وتشكيكات ، واستحسانات واهية ، واستبعادات خياليّة؟ كما هو دأب الرجل في كلِّ ما لا يرتضيه من فضائل أهل البيت عليهمالسلام ، وأيّ ملازمة بين إحصان الفرج وتحريم الذرِّية على النار؟ حتى يُردّ بالنقض بمثل سارة وصفيّة والمؤمنات ، غير أنَّ هذه فضيلةٌ اختصّت بها سيِّدة النساء فاطمة ، وكم لها من فضائل تخصّ بها ولم تحظَ بمثلها فُضليات النساء من سارة إلى مريم إلى حواء وغيرهنَّ ، فلا غضاضة إذا تفرّد ذرِّيتها بفضيلة لم يحوها غيرهم ، وكم لهم من أمثالها.
وقال العلاّمة الزرقاني المالكي في شرح المواهب (٣ / ٢٠٣) في نفي هذه الملازمة الموهومة : الحديث أخرجه أبو يعلى ، والطبراني ، والحاكم ، وصحّحه عن ابن مسعود وله شواهد ، وترتيب التحريم على الإحصان من باب إظهار مزيّة شأنها في ذلك الوصف ، مع الإلماح ببنت عمران ولمدح وصف الإحصان ، وإلاّ فهي محرّمة على النار بنصّ روايات أُخر (١).
ويؤيَّد هذا الحديث بأحاديث أخرى ، منها حديث ابن مسعود : إنَّما سُمِّيت فاطمة لأنَّ الله قد فطمها وذرِّيتها من النار يوم القيامة (٢).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لفاطمة : «إنَّ الله غير معذِّبكِ ولا أحداً من ولدِك» (٣).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ : «إنَّ الله قد غفر لك ولذرِّيتك». راجع (ص ٧٨).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «وعدني ربّي في أهل بيتي من أقرَّ منهم بالتوحيد ولي بالبلاغ
__________________
(١) يأتي تمام كلام الزرقاني في النقد على كتاب : الصراع بين الإسلام والوثنيّة. (المؤلف)
(٢) تاريخ ابن عساكر [١٧ / ٧٧٠ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢٦ / ٢٨٦] ، الصواعق : ص ٩٦ [ص ١٦٠] ، المواهب اللدنيّة [٢ / ٦٤] كما في شرحه للزرقاني : ٣ / ٢٠٣. (المؤلف)
(٣) أخرجه الطبراني [في المعجم الكبير : ١١ / ٢١٠ ح ١١٦٨٥] بسند رجاله ثقات ، وابن حجر صحّحه في الصواعق : ص ٩٦ ، ١٤٠ [ص ١٦٠ ، ٢٣٥]. (المؤلف)