ردّوني ـ تقول ذلك ثلاثاً ـ فأناخت وأناخوا حولها ، وهم على ذلك وهي تأبى ، حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد ، قال : فجاءها ابن الزبير فقال : النجاء النجاء فقد أدرككم والله عليّ بن أبي طالب. قال : فارتحلوا وشتموني (١).
وفي حديث قيس بن أبي حازم ، قال : لمّا بلغت عائشة ـ رضي الله عنها ـ بعض ديار بني عامر ، نبحت عليها الكلاب ، فقالت : أيّ ماء هذا؟ قالوا : الحوأب ، قالت : ما أظنّني إلاّ راجعة ، فقال الزبير : لابَعْدُ تقدّمي ويراكِ الناس ويصلح الله ذات بينهم. قالت : ما أظنّني إلاّ راجعة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «كيف بإحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب؟» (٢).
وفي معجم البلدان (٣) (٣ / ٣٥٦) : في الحديث : أنّ عائشة لمّا أرادت المضيَّ إلى البصرة في وقعة الجمل مرّت بهذا الموضع ـ يعني الحوأب ـ فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟ فقيل لها : هذا موضع يقال له الحوأب ، فقالت : إنّا لله ، ما أراني إلاّ صاحبة القصّة! فقيل لها : وأيّ قصّة؟ قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه : «ليت شعري أيتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب ، سائرةً إلى الشرق في كتيبة». وهمّت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنّه ليس بالحوأب.
قال الأميني : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) (٤) ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٥) ، (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (٦) ، (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٥ / ١٧١ [٤ / ٤٥٧ حوادث سنة ٣٦ ه]. (المؤلف)
(٢) مستدرك الحاكم ٣ / ١٢٠ [٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٣]. (المؤلف)
(٣) معجم البلدان : ٢ / ٣١٤.
(٤) التوبة : ١١٥.
(٥) الأنفال : ٤٢.
(٦) الكهف : ٥٤.