أنّ ابن عمر يرى في أوّل حديثه أنّ خير الناس بعد رسول الله : أبو بكر ثمَّ أبوه ، لكنَّه مع ذلك لا يشرك أبا بكر مع أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث الباب ولا الخوخة.
فلو كان لحديث أبي بكر مقيلٌ من الصحّة في عصر الصحابة المشافهين لصاحب الرسالة صلىاللهعليهوآلهوسلم والسامعين حديثه لَما تأتّى منهما هذا السياق.
على أنَّ هذه الكلمة على فرض صدورها منه صلىاللهعليهوآلهوسلم صدرت أيّام مرضه ، فما الفرق بينها وبين حديث الكتف والدواة المرويِّ في الصحاح والمسانيد؟ فلما ذا يؤمن ابن تيميّة ببعض ويكفر ببعض؟
وشتّان بين حديث الكتف والدواة وبين فتح الخوخة لأبي بكر ، فإنَّ الأوّل كما هو المتسالم عليه وقع يوم الخميس ، وحديث ابن عبّاس : يوم الخميس وما يوم الخميس؟! لا يخفى على أيِّ أحد. فأجازوا حوله ما قيل فيه والنبيُّ يخاطبهم ويقول : «لا ينبغي عندي تنازعٌ ، دعوني فالذي أنا فيه خيرٌ ممّا تدعونني إليه». وأوصى في يومه ذلك بإخراج المشركين من جزيرة العرب ، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم (١) ، فلم يقولوا في ذلك كلّه ما قيل في حديث الكتف والدواة.
وأمّا حديث سدِّ الخَوخات ففي اللمعات : لا معارضة بينه وبين حديث أبي بكر ، لأنَّ الأمر بسدِّ الأبواب وفتح باب عليٍّ كان في أوّل الأمر عند بناء المسجد ، والأمر بسدِّ الخَوخات إلاّ خَوخة أبي بكر كان في آخر الأمر في مرضه حين بقي من عمره ثلاثة أو أقل (٢).
وقال العيني في عمدة القاري (٣) (٧ / ٥٩٢) : إنّ حديث سدِّ الأبواب كان في آخر حياة النبيِّ ، في الوقت الذي أمرهم أن لا يؤمّهم إلاّ أبو بكر. والمتَّفق عليه من يوم
__________________
(١) طبقات ابن سعد : ص ٧٦٣ [٢ / ٢٤٢]. (المؤلف)
(٢) راجع هامش جامع الترمذي : ٢ / ٢١٤. (المؤلف)
(٣) عمدة القاري : ١٦ / ١٧٦.