عليّا دميماً محدوداً ، مع عظيم شجاعته ، وما كان عليٌّ أكثر رغبة فيها من رغبتها فيه مع ذلك (ص ١٩٧).
وكان عليٌّ غير بهيّ الوجه لعينيه الكبيرتين الفاترتين ، وانخفاض قصبة أنفه ، وكبر بطنه وصلعه ، وذلك كلّه إلى أنّ عليّا كان شجاعاً ، تقيّا ، صادقاً ، وفيّا ، مخلصاً ، صالحاً مع توانٍ وتردّد ....
وكان عليٌّ ينهت (١) فيستقي الماء لنخيل أحد اليهود في مقابل حفنة تمر ، فكان إذا ما عاد بها قال لزوجته عابساً : كُلي وأطعمي الأولاد ....
وكان عليٌّ يحرد بعد كلّ منافرة ويذهب لينام في المسجد ، وكان حموه يُربِّته على كتفه ويعظه ، ويوفّق بينه وبين فاطمة إلى حين ، وممّا حدث أن رأى النبيّ ابنته في بيته ذات مرّة وهي تبكي من لكم عليّ لها.
إنّ محمداً مع امتداحه قدم عليّ في الإسلام إرضاءً لابنته كان قليل الالتفات إليه ، وكان صهرا النبيّ الأمويّان ـ عثمان الكريم وأبو العاصي ـ أكثر مداراة للنبيّ من عليّ.
وكان عليٌّ يألم من عدم عمل النبيّ على سعادة ابنته ، ومن عدّ النبيّ له غير قوّام بجليل الأعمال ، فالنبيّ وإن كان يفوّض إليه ضرب الرقاب كان يتجنّب تسليم قيادة إليه (ص ١٩٩).
وأسوأ من ذلك ما كان يقع عند مصاقبة عليٍّ وفاطمة لعدوّاتهما أزواج النبيّ ، وتنازع الفريقين ، فكانت فاطمة تعتب على أبيها متحسّرة لأنّه كان لا ينحاز إلى بناته.
إلى غير ذلك من جنايات تاريخيّة سوّد بها الرجل صحيفة كتابه.
__________________
(١) النهيت والنهات : هو الصوت من الصدر عند المشقّة.