ثمَّ من الذي أخبره عن مزعمة الصدوق بنيل حاجته من ثقب الأشجار؟ والصدوق متى سأل؟ وعمّا ذا سأل؟ حتى يكتب ويضع في ثقب شجرة أو غيرها ليلاً أو نهاراً ويجد جوابه فيها ، ومن الذي روى عنه تلك الأسئلة؟ ومن رأى أجوبتها؟ ومن حكاها؟ ومتى ثبتت عند الرافضة حتى تكون من أقوى دلائلهم وأوثق حججهم؟ نعم : فتبّا ....
وليتني أقف وقومي على تلك الرقاع الكثيرة وقد جمعها العلاّمة المجلسي في المجلّد الثالث عشر من البحار (١) في اثنتي عشرة صحيفة من (ص ٢٣٧ ـ ٢٤٩) والتي ترجع منها إلى الأحكام إنَّما تُعدّ بالآحاد ولا تبلغ حدَّ العشرات ، فهل مستند تعبّد الإماميّة من بدء الفقه إلى غايته هذه الصحائف المعدودة؟ أم يحقُّ أن تكون تلك المعدودة بالآحاد هي مأخذ غالب مذهبهم؟
أنا لا أدري لكن القارئ يدري ، (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ الله) (٢).
وليته كان يذكر رقعة عليِّ بن الحسين بن بابويه بنصِّها ، حتى تعرف الأمّة أنَّها رقعة واحدة ليست إلاّ ، وليس فيها ذكر من الأحكام حتى تتعبّد بها الإماميّة ، وإليك لفظها برواية الشيخ في كتاب الغَيبة (٣) :
كتب عليُّ بن الحسين إلى الشيخ أبي القاسم حسين بن روح على يد عليِّ بن جعفر ، أن يسأل مولانا الصاحب أن يرزقه أولاداً فقهاء. فجاء الجواب : «إنّك لا تُرزق من هذه وستملك جاريةً ديلميّةً وترزق منها ولدين فقيهين» (٤).
أترى هذه الرقعة ممّا يؤخذ منه المذهب؟ أو فيها مسّةٌ بالتعبّد؟
__________________
(١) بحار الأنوار : ٥٣ / ١٥٠ ـ ١٩٨.
(٢) النحل : ١٠٥.
(٣) كتاب الغَيبة : ص ٣٠٨ ح ٢٦١.
(٤) وقد وُلد له أبو جعفر محمد وأبو عبد الله الحسين من أمّ ولد. (المؤلف)