لا يعرف عنصرهم ، أَوَكان يَحسب أنّهم من الترك أو الديلم؟ وهل تجد في المسلمين جاهلاً لا يعرف أنَّ محمداً وآله ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ من ذروة العرب وسنامها الأشمّ؟ وقد منَّ عليه الأمير حيث لم يخبره بأنَّ مشرِّف العترة الرسول الأعظم هو المحتبي على تلك الذروة وذلك السنام لئلاّ يرتدَّ المثقّف إلى المجوسية ، ولا أرى سرعة انقلاب المثقّف البارز إلاّ معجزة للأمير في القرن العشرين ـ لا القرن الرابع عشر.
هذا عند من يصدِّق القصيميَّ ـ المصارع ـ في نقله ، وأمّا المراجع كتاب الأمير ـ حاضر العالم الإسلامي ـ فيجد في الجزء الأوّل (ص ١٦٤) (١) ما نصّه :
كنت أحادث إحدى المرار رجلاً من فضلائهم ـ يعني الشيعة ـ ومن ذوي المناصب العالية في الدولة الفارسية ، فوصلنا في البحث إلى قضية العرب والعجم ، وكان محدِّثي على جانب عظيم من الغلوِّ في التشيّع إلى حدّ أنّي رأيت له كتاباً مطبوعاً مصدّراً بجملة : هو العليُّ الغالب ، فقلت في نفسي : لا شكَّ أنَّ هذا الرجل لشدّة غلوِّه في آل البيت ، ولعلمه أنّهم من العرب ، لا يمكنه أن يكره العرب الذين آل البيت منهم ، لأنّه يستحيل الجمع بين البغض والحبِّ في مكان واحدٍ (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (٢) ، ولقد أخطأ ظنّي في هذا أيضاً ، فإنّي عندما سُقت الحديث إلى مسألة العربيّة والعجميّة وجدته انقلب عجميّا صرفاً ، ونسي ذلك الغلوّ كلّه في عليّ عليهالسلام وآله ، بل قال لي هكذا وكان يحدِّثني بالتركيّة : إيران بر حكومت إسلاميّة دكلدر يالكزدين إسلامي اتخاذ ايتمش بر حكومتدر. أي إيران ليست بحكومة إسلاميّة وإنّما هي حكومةٌ اتخذت لنفسها دين الإسلام.
إقرأ وأعجب من تحريف الكلم عن مواضعه ، هكذا يفعل القصيميُّ بكلمات قومه ، فكيف بما خطّته يد من يضادّه في المبدأ.
__________________
(١) حاضر العالم الإسلامي : ١ / ١٦٢.
(٢) الأحزاب : ٤.