إلاّ أنّ أبا الحسن أكثر شعراً من المَسلَميّ ، وليس في ولد الحسن من يشبهه ، بل يُقاربه عليّ بن محمد الأفوه (١).
قال : وحدّثني أبو عبد الله بن عامر قال : كان أبو الحسن طول أيّامه مشتاقاً إلى عبد الله بن المعتزّ ، متمنّياً أن يلقاه أو يرى شعره ، فأمّا لقاؤه فلم يتّفق له ؛ لأنّه لم يفارق أصبهان قطُّ ، وأمّا ظفره بشعره فإنّه اتّفق له في آخر أيّامه. وله في ذلك قصّة عجيبة ، وذلك أنّه دخل إلى دار معمر وقد حُملت إليه من بغداد نسخة من شعر عبد الله ابن المعتزّ ، فاستعارها فسوّف بها ، فتمكّن عندهم من النظر فيها ، وخرج وعدل إليّ كالاّ معيياً كأنّه ناهض بحمل ثقيل ، فطلب محبرةً وكاغداً ، فأخذ يكتب عن ظهر قلبه مقطّعات من الشعر ، فسألته لمن هي؟ فلم يجبني حتى فرغ من نسخها ، وملأ منها خمس ورقات من نصف المأموني ، وأحصيت الأبيات فبلغ عددها مائة وسبعة وثمانين بيتاً تحفّظها من شعر ابن المعتزّ في ذلك المجلس ، واختارها من بين سائرها.
يوجد في معجم الحموي (٢) شطر مهمٌّ من شعره ، منه قصيدة في (٣٩) بيتاً ليس فيها راء ولا كاف ، يمدح بها أبا الحسين محمد بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل ، أوّلها :
يا سيّداً دانت له الساداتُ |
|
وتتابعتْ في فعلِهِ الحسناتُ |
وتواصلت نعماؤه عندي فلي |
|
منه هباتٌ خلفهنَّ هباتُ |
نِعمٌ ثنتْ عنّي الزمانَ وخطبَهُ |
|
من بعد ما هِيبتْ لهَ غَدَواتُ |
ويصف قصيدته بقوله :
ميزانُها عند الخليل مُعَدّلٌ |
|
متفاعلن متفاعلن فَعِلاتُ |
وروى الثعالبي في ثمار القلوب (٣) (ص ٥١٨) له قوله :
__________________
(١) هو الحمّاني أحد شعراء الغدير ، مرّت ترجمته في هذا الجزء : ص ٥٧ ـ ٦٩. (المؤلف)
(٢) معجم الأدباء : ١٧ / ١٤٦.
(٣) ثمار القلوب : ص ٦٤٥ رقم ١٠٨٣ ، ص ٥٤٨ رقم ٨٩٧ ، ص ٢٨٦ رقم ٤٢٩.