يراه القارئ إلاّ كرواية لا تقوم إلاّ بقائلها.
خذ إليك في موضوع واحد كتابين هما مثالان لأكثر ما ارتأينا في هذا البحث ، ألا وهما :
١ ـ كتاب الإمام عليّ ، تأليف الأستاذ أبي نصر عمر.
٢ ـ كتاب الإمام عليّ ، تأليف الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود.
فهما على وحدة الموضوع ، والنزعة ، والبيئة ، والدراسة ، والهوى السائد ، طالما اختلفا في الأبحاث والنظريّات ، فهذا الأستاذ أبو نصر أخذ آراء الخضري الأمويّة ومن يضاهيه فيها ، وصبّها في بوتقة تأليفه ، فجاء في كتابه بكلِّ شنآء شوهاء التقت بها حلقتا البطان (١).
وأمّا الأستاذ عبد الفتّاح فإنّه جدّ وثابر على جهود جبّارة ، وأخذ زبدة المخض من الحقائق الناصعة ، غير أنَّه ضيّع أتعابه بإهمال المصادر ، فلم يأت كتابه إلاّ كنظريّة شخصيّة ، ولو ازدان تأليفه بذكرها في التعاليق ، وإرداف ذلك النقل الواضح بما ارتآه من الرأي السديد ، لكان أبلغ في تمثيل أفكار الجامعة ، والإعراب عن نظريّات الملأ الدينيِّ ، وإن كان ما ثابره الآن مشفوعاً بشكر جزيل.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (٢)
__________________
(١) مثل يضرب في الحادثة إذا بلغت النهاية. أنظر : مجمع الأمثال : ٣ / ١٠٢ رقم ٣٢٩٣.
(٢) النساء : ٦٦.